في أي اضطراب أو ذعر في السوق على المدى القصير، تحدث سلسلة من الانهيارات تطال الشركات التي ترتبط بالمؤسسات والشركات محل الاضطراب أو المرتبطة بالشركات الأكثر تعرضًا لهذا الاضطراب.
إن الاضطراب المصرفي الذي حدث في شهر مارس / آذار هو إحدى هذه السلاسل التي طالت عدد من الشركات التي كانت على صلة بالاضطراب من خلال شركات أخرى متأثرة. لقد فقد القطاع المالي في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) من قيمته منذ منتصف فبراير / شباط، مدفوعًا بانخفاض 28% في أسهم البنوك في المؤشر. من بين الشركات التي تعرض عملائها للأزمة شركة جاك هنري آند أسوشيتس (Jack Henry & Associates) مزود الأنظمة المالية.
تضم قاعدة عملاء جاك هنري (Jack Henry) حوالي 8000 بنك صغير ومؤسسات مالية أخرى، وهي المجموعة التي كانت في قلب الاضطرابات الأخيرة. انخفضت أسهم جاك هنري (Jack Henry) بنسبة 15% هذا العام – إلى أرخص تقييم لها منذ سنوات – بعد أن حققت مكاسب بنسبة 18% سنويًا خلال العقد الماضي.
يبلغ السعر المستهدف الذي يتفق عليه المحللين الآن حوالي 175 دولارًا، وهو أعلى بنسبة 20% من السعر الأخير للسهم وهو 148 دولارًا. تبلغ القيمة السوقية لجاك هنري (Jack Henry) حوالي 11 مليار دولار مع حد أدنى للديون، كما يحمل السهم عائدًا سنويًا من الأرباح بنسبة 1.4%.
إن الاتجاهات طويلة الأجل في أعمال جاك هنري (Jack Henry) لا تزال كما هي قبل الاضطراب المصرفي. يتمثل نشاط الشركة الأساسي في توفير البرامج التي تدير العمليات اليومية للبنك، وهذا يعني أنظمة تكنولوجيا المعلومات التي تعتمد عليها البنوك لفتح ومتابعة حسابات العملاء ومعالجة الشيكات وإدارة القروض والودائع وجميع الخدمات غير الاختيارية للبنوك التي تشغلها.
يقول ديفيد فوس الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة الشركة: “كل ما تحتاجه تقريبًا لإدارة بنك أو اتحاد ائتماني في الولايات المتحدة، يمكنك الحصول عليه من جاك هنري (Jack Henry)”.
تتنافس الشركة التي يقع مقرها في مونيت بولاية ميسوري مع شركات مثل فيديليتي ناشيونال إنفورميشن سيرفيس (Fidelity National Information Services) وفاي سيرف (Fiserv). إن المكان المثالي لجاك هنري (Jack Henry) هو التعامل مع البنوك والاتحادات الائتمانية التي تتراوح أصولها من حوالي 500 مليون دولار إلى 50 مليار دولار. يربط فوس حصة الشركة في السوق بحوالي 19% من البنوك الأمريكية و14% من الاتحادات الائتمانية، يمتلك ما يقرب من نصف تلك البنوك والاتحادات أصول بقيمة مليار دولار أو أكثر.
وبخلاف الإخفاقات واسعة النطاق للبنوك والاتحادات الائتمانية بين قاعدة عملاء جاك هنري (Jack Henry) الضخمة والمتنوعة، لن تتأثر إيرادات الشركة كثيرًا نتيجة لإجراءات الأسابيع الستة الماضية. ينتج أكثر من 80% من الإيرادات من الاشتراكات في خدمات الشركة، مع عقود يبلغ متوسط مدتها سبع سنوات. قد تكون هذه الاشتراكات مرتبطة بإجمالي أصول البنك أو كمية الحسابات أو بعدد الأعضاء في اتحاد ائتماني. تعتمد بعض الإيرادات بشكل أكبر على المعاملات بما في ذلك الدفع ببطاقات الخصم أو الشيكات، وقد حذرت الإدارة في وقت سابق من هذا العام من احتمال تباطؤ هذا النشاط التجاري هذا العام. ولكن الأهم من ذلك، أن عقود جاك هنري (Jack Henry) لا تربط اشتراكاتها بالقيمة الإجمالية للودائع.
تقول رينا كومار المحللة في بنك الاتحاد السويسري (UBS): “أعتقد أن هناك مفهومًا خاطئًا في السوق الآن بأنه إذا انتقلت الودائع إلى أكبر البنوك، فإن جاك هنري (Jack Henry) سيتأثر سلبًا. لكن هذا ليس صحيح، وطالما أن البنك موجود، سيظل جاك هنري (Jack Henry) يتقاضى أجره لأن نموذجه لا يعتمد على الودائع”.
تصنف كومار سهم جاك هنري (Jack Henry) كسهم شراء، وترى أن السعر المستهدف للسهم هو 184 دولارًا أمريكيًا، وهذا أعلى بنسبة 25% من سعره الأخير. حتى خلال الأزمة المالية العالمية 2008 – 2009، تمكنت الشركة من الإعلان عن نمو إيجابي في الإيرادات بنسبة 11.5% في السنة المالية 2008 – التي انتهت في يونيو / حزيران – و0.4% في السنة المالية 2009.
في الواقع، ستستفيد الشركة بشكل هامشي من التداعيات المصرفية الأخيرة، إذا قام المودعون بنشر أموالهم عبر بنوك أكثر تميزًا للاحتفاظ بحسابات أقل من الحد التأميني لهيئة التأمين على الودائع الفيدرالية البالغ 250 ألف دولار. وقد يعني ذلك زيادة في جزء من إيرادات جاك هنري (Jack Henry) الذي يعتمد على عدد الحسابات لدى عملائه في البنوك والاتحادات الائتمانية.
في ظل الاعتماد على المبيعات والرؤية المستقبلية للشركة – واقتران ذلك بالنمو المطرد لها – أكتسب سهم جاك هنري (Jack Henry) مضاعف تقييم غني نسبيًا في السنوات الأخيرة. لذا تمثل الانخفاضات في أوائل عام 2023 نقطة دخول جذابة.
تدير لوري كيث محفظة بقيمة 5.8 مليار دولار في صندوق بارنسوس ميد كاب (Parnassus Mid Cap)، وتضم هذه المحفظة أسهم جاك هنري (Jack Henry). تقول كيث: “بالنظر إلى صمود منتجات الشركة وخدماتها، نعتقد أن المستثمرين بالغوا في رد فعلهم حقًا”.
يتم تداول السهم الآن بحوالي 28 ضعف أرباحه المتوقعة خلال العام المقبل، وهو أدنى تقييم له في ست سنوات، ومقارنة بمتوسط 36.5 مرة على مدى السنوات الخمس الماضية. يتداول جاك هنري (Jack Henry) بعلاوة 60% على تقييم مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500)، مقابل متوسط 100% علاوة و50% خلال نصف العقد الماضي.
لا تزال آفاق جاك هنري (Jack Henry) للنمو قوية. ويدعو إجماع المحللين إلى زيادة الإيرادات السنوية بنسبة تتراوح بي 6% و9% ونمو أرباح السهم بنسبة 10% في السنوات القادمة.
يأتي ذلك بعد توقع ضعيف نسبيًا للعام المالي 2023، حيث ترى وول ستريت أن ربحية السهم ستكون 4.82 دولار، بانخفاض 2% عن السنة المالية 2022، مع زيادة الإيرادات بنسبة 6% تقريبًا، لتصل إلى 2.1 مليار دولار. قالت الإدارة في وقت سابق من هذا العام أن رسوم الإنهاء المبكر للعقود ستنخفض في السنة المالية 2023، بسبب تباطؤ نشاط عمليات الاندماج والاستحواذ المصرفية مقارنة بالعام السابق، تمثل هذه الرسوم الدخل المكتسب لمرة واحدة وهو أقل أهمية من خدمات جاك هنري (Jack Henry) القائمة على الاشتراك.
حتى إذا استمرت الهزات المالية وتراجعت الأرباح، ستستمر البنوك في الاستثمار في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها لتظل قادرة على المنافسة وتصبح أكثر كفاءة وتستبدل العمليات الورقية بالبدائل الرقمية. لقد وجد استطلاع بنك الاتحاد السويسري (UBS) للمديرين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا في 100 بنك واتحاد ائتماني العام الماضي أن 78% يخططون لزيادة إنفاقهم على خدمات تكنولوجيا المعلومات الأساسية التي يقدمها جاك هنري (Jack Henry)، بينما لم يتوقع أي منهم خفض الإنفاق. وبالإضافة إلى تنمية أعماله مع العملاء الحاليين، كانت جاك هنري (Jack Henry) تضيف أكثر من 50 عميلًا سنويًا.
على جانب الخدمات الأساسية، حيث تقدم جاك هنري (Jack Henry) أكثر من 100 منتج مختلف، فإن القصة طويلة المدى هي الانتقال من الحوسبة المحلية إلى بيئة السحابة الخاصة، ثم تحول نهائي إلى موفري السحابة العامة مثل امازون ويب سيرفيس (Amazon Web Service AWS) ومايكروسوفت أزور (Microsoft Azure). يقول فوس أن عملية التحديث تعني المزيد من الإيرادات لجاك هنري (Jack Henry) وقدرات أكبر للبنوك.
تعزز جاك هنري (Jack Henry) أيضًا الخدمات التكميلية التي يجب أن تولد إيرادات إضافية لأعمالها الأساسية. من بين هذه الخدمات بانو (Banno)، وهي منصة مصرفية رقمية موجّهة للبنوك الصغيرة لمواكبة البنوك الأكبر حجماً وأفضل الموارد في العصر الرقمي. إن إيرادات هذه الخدمات مرتبطة بالمستخدمين النشطين وعروض البرامج لها وفورات الحجم، لذا فمع انضمام المزيد من البنوك والمستخدمين، ستتوسع هوامش الربح.
بالنسبة لأولئك الذين سئموا من الدراما المصرفية والقلقون بشأن المزيد في المستقبل، فإن جاك هنري (Jack Henry) هي وسيلة للاستثمار في شركة ستظل بعيدة عن الأزمة الحالية.
0 تعليق