اختر صفحة

وول ستريت تتوجه إلى السعودية رغم احتدام الخلاف النفطي بين الرياض وواشنطن

الصفحة الرئيسية » الاقتصاد » وول ستريت تتوجه إلى السعودية رغم احتدام الخلاف النفطي بين الرياض وواشنطن

التوتر المتصاعد حول قرار أوبك بلاس بخفض إنتاج النفط يهدد بإحداث ضرر دائم في العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. ولكن يبدو أن التنفيذيين في وول ستريت لا يبدون أي انزعاج.

يستعد كلًا من جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لجي بي مورغان تشيس (JPMorgan Chase & Co) وديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لغولدمان زاكس (Goldman Sachs Group Inc) وعدد من كبار المدراء التنفيذيين في قطاع التمويل الأمريكي لحضور قمة الاستثمار المنتظرة في الرياض هذا الأسبوع. في غضون ذلك، يصعّد البيت الأبيض حربه الكلامية ضد المملكة، حيث يهدد جو بايدن بـ “عواقب” على السعودية بسبب دورها في خفض إنتاج النفط الخام على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة.

تسعى المملكة من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار إلى جذب مليارات الدولارات إليها. ولكن تطغى الأحداث الخارجية مرة أخرى على الحدث، حيث تمر العلاقات الأمريكية السعودية بأسوأ حالاتها منذ أكتوبر / تشرين الأول 2018، حينها تجنب قادة الصناعة المالية حضور القمة السنوية، والتي يطلق عليها على نطاق ضيق “دافوس الصحراء”.

أدى ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج إلى تحول الاقتصاد السعودي ليصير الأسرع نموًا ضمن مجموعة العشرين. ومن المنتظر أن تحقق السعودية أول فائض لها في الميزانية منذ وصول ولي العهد إلى السلطة، مما يسمح له بتوجيه مليارات الدولارات إلى أسواق الأسهم والأصول على مستوى العالم والتخطيط لبعض من أكثر مشاريع البناء طموحًا في العالم. في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، كل هذه العوامل تجعل المملكة نقطة جذب لا تُقاوم بالنسبة للمديرين التنفيذيين الماليين.

قال طلال مالك الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات السعودية ألفا 1 استراتيجي (Alpha1Strategy): “إن دهاء وول ستريت يجعلهم يعرفون التاريخ جيدًا ويعرفون الفرق بين المدى القصير السياسي والمدى الطويل الاستراتيجي. وفي ظل توافر هذا النوع من السيولة، من المنطقي لشركات الاستثمار الأمريكية تعزيز تواجدها”.

هناك القليل من الدلائل على انسحاب المديرين التنفيذيين الأمريكيين، على الرغم من بعض الأقاويل عن بعض الغيابات المحتملة.

حتى في الوقت الذي يتهم فيه مسؤولو البيت الأبيض المملكة العربية السعودية بالمساعدة في تمويل حرب روسيا في أوكرانيا والتسبب برفع أسعار الوقود على الأمريكيين، فإن أعضاء الإدارة الأمريكية السابقة يستعدون للتوجه إلى الرياض. فمن المقرر أن يشارك وزير الخزانة السابق ستيف منوتشين والمستشار السابق للبيت الأبيض جاريد كوشنر. لقد انتزع هؤلاء المسؤولين مليارات الدولارات من صندوق المملكة السيادي الذي يرأسه الأمير محمد بن سلمان.

من بين الحاضرين أيضًا، ستيف شوارزمان الرئيس التنفيذي لشركة بلاك ستون (Blackstone Inc) وكين موليس مؤسس موليس آند كو (Moelis & Co)، اللذان كانا قريبين من دونالد ترامب وأدارا الأموال السعودية ونصحا حكومتها بشأن الصفقات. من المقرر أيضًا أن يحضر راي داليو مؤسس شركة بريدج ووتر أسوشيتس (Bridgewater Associates). ومن المسؤولين السعوديين يحضر وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، فضلاً عن كبار المسؤولين التنفيذيين الإقليميين مثل خلدون المبارك الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة للاستثمار.

من أوروبا، يحضر نويل كوين الرئيس التنفيذي لإتش إس بي سي هولدينغز (HSBC Holdings Plc) وفريدريك أوديا رئيس سوسيتيه جنرال (Societe Generale SA)، بالإضافة إلى بيل وينترز الرئيس التنفيذي لستاندرد تشارترد (Standard Chartered Plc) الذي سيفوت قمة المناخ التي تنطلق الشهر المقبل في مصر. يضم الحدث السعودي أيضًا أكبر وفد صيني مع أكثر من 80 رئيسًا تنفيذيًا من البلاد.

يرى المنظمون “إقبالًا متزايدًا من القطاع الخاص الأمريكي على الحضور” على حد تعبير ريتشارد أتياس الرئيس التنفيذي لمعهد مبادرة مستقبل الاستثمار (FII)، والذي قال أن الحدث “ليس له أي أجندة سياسية” وأن وجود توتر بين الولايات المتحدة والسعودية بالتزامن مع الحدث هو “من قبيل الصدفة”.

بالنسبة للمصرفيين الذين يحضرون القمة، قد يكون حدث هذا الأسبوع أكثر أهمية من السنوات السابقة، حيث تكافح أكبر الشركات في العالم لجذب رأس المال في ظل بيئة مظلمة للاقتصاد الكلي. ومع ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وأزمة الطاقة العالمية وتشديد أسواق الائتمان، أصبح العديد من المستثمرين على الهامش، وأصبحت الصناديق الحكومية المؤثرة – مثل الصندوق السعودي – أكثر أهمية من أي وقت مضى.

قبل الخلاف الحالي مع البيت الأبيض، كان صندوق الاستثمارات العامة يزيد من استثماراته في الولايات المتحدة. وقد عمل على توسيع فريقه في نيويورك لإدارة محفظة تبلغ قيمتها 40 مليار دولار تقريبًا من الأسهم الأمريكية، تشمل حصص في بلاك روك (BlackRock Inc) وجي بي مورغان (JPMorgan) وأوبر (Uber Technologies). أما من حيث استثمارات الصندوق في مناطق أخرى، فقد عزز الصندوق حصته في شركة السيارات أستون مارتن لاغوندا غلوبال هولدينغز (Aston Martin Lagonda Global Holdings Plc) في يوليو / تموز الماضي، مما منحه حصة تبلغ 17% في الشركة البريطانية.

قال ستيف لوتس نائب الرئيس لشؤون الشرق الأوسط في غرفة التجارة الأمريكية: “تعتبر علاقاتنا التجارية مكونًا مهمًا ومربحًا للجانبين في العلاقة الثنائية. فالشركات الأمريكية تنمو عبر مجموعة واسعة من القطاعات وتحقق نجاحًا في المملكة العربية السعودية، لذلك من المهم أن تكون العلاقة التجارية معزولة عن أي تداعيات ناجمة عن الخلافات السياسية بين واشنطن والرياض”.

بنك جي بي مورغان (JPMorgan)

بالنسبة إلى جيمي ديمون، ستكون قمة هذا العام هي الأول له بعد أن انسحب هو وكبار المسؤولين التنفيذيين الغربيين الآخرين من قمة 2018. وقد قال ديمون فيما بعد أن الانسحاب “لم يحقق شيئًا”.

يتوسع البنك الأمريكي في السعودية، كما يخطط لتعزيز فريقه المكون من 100 فرد في المملكة بـ 20 موظفًا جديدًا بحلول نهاية العام، ليصبح حجم الفريق أكثر من ضعف ما كان عليه في عام 2016، وفقًا لبدر العمودي أحد كبار الموظفين السعوديين في البنك.

وقال العمودي: “لا يزال هناك الكثير من الاهتمام بسوق الاكتتابات العامة سواء من الشركات المحلية أو من المستثمرين الأجانب الذين يتطلعون إلى الانفتاح على السوق السعودية. لقد زادت المنافسة بالتأكيد ولكن على المدى الطويل لطالما كنا هنا وسنواصل الاستثمار لخدمة عملائنا وتقديم منتجات وإدراجات جديدة في المملكة العربية السعودية”.

تتوسع شركات مالية أمريكية أخرى في السعودية، في ظل زيادة الحكومة ضغوطها على الشركات الدولية لتحويل مراكزها في الشرق الأوسط إلى المملكة. يقال أن شركة إدارة الأصول فرانكلين تمبلتون تخطط للتوسع هناك، وأن الرئيسة التنفيذية جيني جونسون – التي ستحضر قمة مستقبل الاستثمار – حددت المملكة كسوق توسع رئيسي للشركة.

الاستثمار الأجنبي

من جانبها، تأمل المملكة العربية السعودية أن تضع القمة الرياض على الخريطة كوجهة عالمية للصفقات، وأن تساهم في تحسين الاستثمار المحلي الذي كان محدودًا. على الرغم من زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر كل عام منذ انطلاق الحدث للمرة الأولى في عام 2017 إلى أعلى مستوى له خلال أكثر من عقد العام الماضي، إلا أن الاستثمار يتوجيهه في الغالب إلى الأصول النفطية بدلاً من دعم المشاريع الطموحة.

رغم ذلك فقد تم إتمام بعض الصفقات. ففي عام 2017، اتفق صندوق الاستثمارات العامة وبلاك ستون (Blackstone) على أن صندوق الثروة السعودي سيساهم بما يصل إلى نصف قيمة صندوق البنية التحتية الأمريكي البالغة 40 مليار دولار والذي أنشأته بلاك ستون (Blackstone). أعلنت المملكة أيضًا عن إطلاق مشروع نيوم، وهو مدينة جديدة بقيمة 500 مليار دولار تهدف إلى جذب صناعات جديدة.

يخطط ولي العهد لأن يجعل صندوق الاستثمارات العامة أكثر نفوذًا من خلال زيادة أصوله إلى ما قيمته تريليون دولار بحلول عام 2025.

قال أيهم كامل رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في يوراسيا غروب (Eurasia Group) لاستشارات المخاطر السياسية: “لا تزال هناك فجوة بين خطط القيادة الخاصة بقمة مستقبل الاستثمار لتكون مركزًا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وحقيقة أن معظم الاهتمام الأمريكي والأوروبي يتركز على تدفقات رأس المال الخارجة. لقد بدأ المديرون التنفيذيون الماليون العالميون في رؤية بعض الفرص في خطط التحديث، لذلك هناك بعض التحول في منظورهم. ولكن هذا العام سيكون مثل كثير من الأعوام السابقة، حيث أنهم سيغادرون على الأرجح مع مكاسب تجارية قيّمة”.

اقرأ أيضًا صندوق الثروة السعودي يجري محادثات مع بوينغ وإيرباص لشراء 80 طائرة

المصدر: بلومبيرغ

ربما يعجبك أيضا…

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك في نشرتنا الإخبارية

 

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات من فريقنا.

لقد تم اشتراكك بنجاح!

Share This