بعد أسبوع من استضافة الاجتماع السنوي لقادة صندوق النقد الدولي، لخصت المديرة العامة كريستالينا غورغيفا اجتماع للدول الأعضاء، والذين يبلغ عددها 190 دولة بعبارة: “اربطوا الأحزمة واستمروا في العمل”.
مع انتهاء المحادثات في واشنطن يوم السبت، أثار وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية القلق من استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا في زعزعة استقرار أوروبا وإعاقة جهود تعزيز النمو في ظل سعيهم للحفاظ على تعافي الاقتصاد العالمي الهش بفعل الوباء.
لكن أنصار النظام العالمي، الذ تأسس في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تعرضوا أيضًا لضربة شديدة.
هيمنت النقاشات العنيفة في المملكة المتحدة بشأن التخفيضات الضريبية – التي هزت الأسواق وأدت إلى الإطاحة بوزير الخزانة كواسي كوارتنغ في منتصف الطريق خلال الاجتماع – ورفع أسعار الفائدة التي قام بها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والتي عززت الدولار.
كما دخل أعضاء المجموعة أيضًا في جدل حول قرار المملكة العربية السعودية الذي قاد أوبك بلاس إلى خفض انتاجها، والذي كان يُنظر إليه على أنه قرار محفوف بالمخاطر في الوقت الذي تكافح فيه أوروبا أزمة طاقة وتحاول فيه الولايات المتحدة كبح جماح التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته خلال أربعة عقود.
أشار دوغ ريديكر العضو السابق في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي إلى أن الافتقار إلى المشاركة عالية المستوى من الصين – ثاني أكبر اقتصاد وأكبر دائن للدول النامية – قد “أعاق القدرة على إحراز تقدم فعلي”. وقال: “لقد كان أسبوعًا مثيرًا للتشاؤم إلى حد ما”.
فيما يلي ملخص لأهم ما دار في اجتماع صندوق النقد:
- الحرب والانقسامات
على غرار اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في أبريل / نيسان، فشلت مجموعة العشرين في إصدار بيان في ظل حالة الانقسام بشأن روسيا.
كما منعت روسيا الهيئة الاستشارية لصندوق النقد الدولي من التوصل إلى إجماع حول قراءة مشتركة. وقالت وزيرة الاقتصاد الإسبانية نادية كالفينو التي تترأس اللجنة: “يؤسفني بشدة أنه بسبب معارضة روسيا لأي فرصة للتوصل إلى توافق، فإنه ليس لدينا إجماع”.
وفي حديثها في نفس الإحاطة، قالت غورغيفا: “المزاج السائد في الغرفة هو أننا لا نستطيع أن نسمح بحدوث انقسام لأن الجميع سيكونون أفقر. سيكون ذلك “مدمرًا لذوي الدخل المنخفض والأسواق الناشئة الفقيرة”.
- أزمة الديون
يوجد بالفعل حوالي 60% من بين 75 دولة هي الأفقر في العالم في ضائقة ديون أو معرضة لهذا الخطر، ولذلك حث رؤساء المالية بدءًا من وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إلى الوزير الزامبي سيتومبيكو موسوكوتوين الدول الأكثر ثراءً على بذل المزيد لمساعدة الدول الضعيفة على إعادة هيكلة ديونها.
انتقدت يلين التقدم البطيء في مبادرة مجموعة العشرين لجلب الدائنين من نادي باريس للدول الغنية التقليدية إلى جانب الصين في محاولة لإعادة هيكلة ديون بعض البلدان منخفضة الدخل. بالإضافة إلى عدم مشاركة الصين في ذلك.
قال مارتن غوزمان وزير المالية الأرجنتيني السابق: “ما نواجهه اليوم هو وضع معقد لن يتم حله بسهولة. لا أعتقد أننا سنحصل على حل مناسب لتلك الأزمة حتى يكون هناك إطار رسمي دولي لحل الأزمة”.
- المعدلات والركود والدولار
خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي، محذرًا من أن جهود البنوك المركزية لتهدئة التضخم قد تسبب ضررًا أكبر. وذلك لأن المعدلات المرتفعة تبطئ النشاط التجاري وتضر بالاقتصاد، ولكن يُنظر إلي الارتفاع في المعدلات على أنه مقايضة ضرورية للسيطرة على الأسعار.
كتب الاقتصاديون في جي بي مورجان تشيس وشركاه (JPMorgan Chase & Co) خلال عطلة نهاية الأسبوع: “يتوقع الناس أن تستمر البنوك المركزية في الضغط على المكابح حتى يكسر هذا الضغط فعلًا التضخم. ولكن يظل الخطر الأكبر هو الركود الذي قد ينجم عن سياسات البنوك المركزية”.
ساعدت زيادة أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في تحفيز ارتفاع الدولار، الأمر الذي يضر البلدان الأخرى عن طريق رفع تكلفة وارداتها وزيادة التضخم فيها، مما يؤدي بدوره إلى بدء دورة التضييق الخاصة بها. ترك ذلك مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة وابلًا مستمرًا من المخاوف من الدول الأخرى حول مدى الضرر الذي أحدثه الدولار القوي، على الرغم من أن البنك المركزي الأمريكي يبدو عازمًا على الاستمرار في الارتفاع.
قال باولو غيديس وزير الاقتصاد البرازيلي: “بدا الجميع قلقين للغاية. كان البعض يقول أن محافظي البنوك المركزية بحاجة إلى إظهار الرحمة، وتذكروا أنه وراء كل زيادة في الأسعار، هناك أناس يعانون”.
- تنسيق السياسات
حث المسؤولين الماليين على تنسيق السياسات النقدية لضمان عدم التعارض في الأهداف.
وقد حثت غورغيفا وزارات المالية على التوصل إلى إجراءات “هادفة ومؤقتة” لتخفيف الألم الناجم عن ارتفاع أسعار الفائدة، دون تعقيد جهود البنوك المركزية، وهو شعور ردده مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو غينتيلوني، الذي حذر من أنه ليس كل دول الكتلة ستتمكن من تجنب الصدام بين الاثنين.
قال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس لتلفزيون بلومبيرغ: “أحد مواضيع هذا الأسبوع للاقتصادات المتقدمة هو كيفية مواءمة هاتين السياستين – السياسة المالية والنقدية – حتى لا يتعارض كل منهما مع الآخر”.
اقرأ أيضًا “بيانات” الإماراتية تسعى لجمع 171 مليون دولار من الاكتتاب العام
0 تعليق