بعد استمراره في البحث لمدة عامين، قرر فولار ييب تأجيل شراء منزل جديد في جنوب شرق مدينة فوشان الصينية نتيجة قلقه من القيام بمثل هذا الالتزام المالي الكبير في ظل تباطؤ متزايد في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
يملك ييب ذو الـ 32 عامًا استديو للدعاية، وحاليًا بدأ العديد من عملاؤه – الذين يشملون هيئات حكومية – في تخفيض ميزانيات الدعاية الخاصة بهم.
يقول ييب لرويترز: “كلما قرأت الأخبار، ازداد قلقي. كل هذه الأخبار عن الصين عن الاقتصاد وسوق العقارات والجائحة لم تكن إيجابية كثيرًا”.
جاء قرار ييب بتأجيل شراء المنزل ليكون أقرب من مدرسة ابنته أيضًا رغم تخفيض البنوك لمعدلات الرهن.
يشكل الحذر المتنامي من قبل المشترين الشباب في سوق العقارات الصيني الذي يمثل ربع إجمالي الناتج المحلي تحديًا كبيرًا أمام صناع السياسة في بكين الذين يسعون إلى إنعاش نشاط الإسكان حاليًا.
يضاف الضعف الذي يواجهه قطاع العقارات في الصين الموجود تحت وطأة ديون ضخمة بالفعل إلى الاضطرابات الرئيسية في الصين الناجمة عن سياساتها التي تهدف إلى الحد من حالات وباء كوفيد، السياسة التي أدت إلى تراجع أنشطة المصانع وأنشطة البيع بالتجزئة هذا العام بالإضافة إلى إلقائها بظلال على الاقتصاد العالمي بسبب قلق الشركات المتزايد من آثارها.
رغم السياسة التخفيفية الأخيرة التي شهدها قطاع العقارات، فقد تراجعت المبيعات بنسبة 47% في أبريل / نيسان مقارنة بالعام السابق. هذا الانخفاض يعد الأكبر منذ أغسطس / آب 2006.
أما عن انخفاض معدل الرهن، فإن هذا الانخفاض سيوفر لييب حوالي 400 يوان صيني وهو ما يعادل 59.72 دولار على القسط الشهري لعقار قيمته كما يقدرها بقيمة 2 مليون يوان صيني أي ما يعادل 298,583 دولار. يرى ييب أن هذا الخصم ليس له أي معنى.

لن يكون الانتعاش سريعاً
قام المطورون العقاريون، الذين أملوا أن تتراجع الأسعار في الربع الثاني من العام، بإعادة النظر في توقعاتهم الاستثمارية بشأن مبيعات هذا العام بعد الانخفاض الذي شهده السوق العقاري في الشهور الخمس الأولى من العام مع عدم وجود أي مؤشرات على تعافي الطلب في المستقبل القريب.
القيود الصارمة التي تفرضها الصين للسيطرة على الوباء بالإضافة إلى القلق بشأن عملية تصحيح عقاري أعمق وتوقف الإنشاءات، كلها عوامل تخيم بظلالها على أهداف بكين بتحقيق نموًا اقتصاديًا بمعدل 5.5% عن عام 2022، الأمر الذي يزيد من المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي مثل ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.
قفز معدل البطالة في الصين إلى 6.1% في أبريل / نيسان وهو الأعلى منذ فبراير / شباط 2020، هذا المعدل أعلى بكثير من المستهدف من قبل الحكومة والذي يعادل 5.5%، حتى أن شركات الإنترنت والتكنولوجيا عالية النمو تقوم بتسريح الموظفين.
وسعيًا لزيادة مشتريات المنازل، قامت الصين الشهر الماضي بتخفيض معدل الرهن بأكثر من المتوقع بعد أسبوع من خفضها معدل الرهن الأدنى للمشترين الجدد للمنازل.
ورغم ذلك، يقول أحد المصرفيين الكبار في بنك صيني كبير لرويترز أن التحسن في طلبات الرهن العقاري لا يزال بعيد المنال حتى الآن.

ميول المشترين
قالت وكالة موديز في تقرير لها الأسبوع الماضي أنه في ظل تخفيض معدلات الرهن إلى الحد الأقصى بالفعل ومع الاضطرابات الجديدة بسبب عمليات الإغلاق، فإن الوصول إلى شروط الرهن المناسبة للمشترين لدعم نمو القروض سيستغرق بعض الوقت.
وقد أوضحت بيانات المركزي الصيني أن قروض الأفراد، والتي تشمل الرهن العقاري قدرت بقيمة 217 مليار يوان صيني في أبريل مقابل 528.3 مليار يوان صيني عن نفس الفترة من العام الماضي.
يقول تينغ لو، كبير الاقتصاديين في بنك نامورا (Nomura): “إن موجة أوميكورن والإغلاقات الصارمة في 40 مدينة صينية قيد بشكل كبير الانتقال والتوظيف والدخل وثقة السكان الصينيين. ومن المحتمل أن عدداً كبيراً من خريجي الكليات هذا العام قد لا يعثور على وظائف بسبب التباطؤ الاقتصادي الحاد”.
البيانات الرسمية تبين أن معدل البطالة بين الشباب من سن 16 إلى 24 عام قد سجل مستوًا قياسيًا بمعدل 18.2% في أبريل / نيسان الماضي.
انخفاض مبيعات المنازل يعني انخفاض التدفق النقدي للمطورين الذين يواجهون صعوبة في الدفع للموردين والدائنين، بالإضافة على أن ذلك سيضر بإيرادات الحكومة المحلية جراء انخفاض إيرادات تداول الأراضي.
لقد دفعت أزمة الائتمان في قطاع العقارات الناجمة عن تضييق سقف الديون بعض الشركات إلى التخلف عن السداد وأبرز الأمثلة على ذلك هو تخلف مجموعة إيفرغراند [China Evergrande Group (3333.HK)] عن السداد، وهي أكبر مطور عقاري والأعلى مديونية في العالم (بالتزامات تقدرة بأكثر من 300 مليار دولار).
قليل جدًا من الأفراد يستطيعون رؤية الأمل في تعافي قريب في الموقف المالي للمطورين العقاريين.
يقول آندي لي، الرئيس التنفيذي في سينتالاين تشينا (Centaline China)، ان شعور المشترين حاليًا أسوأ مما كانوا عليه في نهاية العام الماضي الذي شهد قيودًا أشد على الائتمان، ويضيف: “إن الشوارع في بعض المدن خالية حرفيًا، وبعض المتاجر المعروفة عبر الانترنت قد فقدت 80 – 90% من قيمتها. إذن كيف يمكنك أن تطلب منهم شراء عقار؟!”.
وقال مدير تنفيذي في شركة تطوير عقاري مركزها شنغهاي بعد سنوات من النمو في سوق العقارات، يحاول المستثمرون الصينيون الآن انتظار حتى انتهاء حالة عدم اليقين التي تخيم على الوضع الكلي.
قررت إحدى المتطلعات إلى شراء منزل في شرق هانغتشو انتظار تحسن الاقتصاد حتى وإن فاتتها فرصة انخفاض الأسعار حيث أن آفاق عملها هي أكبر مخاوفها. وتقول السيدة البالغة من العمر 30 عامًا والتي رفضت الكشف عن هويتها لرويترز: “حتى الشركات الكبيرة مثل علي بابا تسرح العاملين. أنا قلقة من أني قد لا أكون قادرة على جني أموال كافية لتغطية الرهن”.
اقرأ أيضاً صندوق الثروة السعودي يستحوذ على حصة في كابيتال بنك الأردني مقابل 185 مليون دولار.
0 تعليق