اختر صفحة

الاقتصاد الموجه (Command Economy)

ما هو الاقتصاد الموجه؟
الاقتصاد الموجه هو نظام تحدد فيه الحكومة، وليس السوق الحرة، السلع التي يجب إنتاجها، وكمية الإنتاج، والسعر الذي تُعرض به السلع للبيع. كما أنه يحدد الاستثمارات والدخل. ويعتبر الاقتصاد الموجه هو سمة أساسية لأي مجتمع شيوعي. تعد كوبا وكوريا الشمالية والاتحاد السوفيتي السابق أمثلة على البلدان التي لديها اقتصادات موجهة، بينما حافظت الصين على اقتصاد موجه لعقود قبل انتقالها إلى اقتصاد مختلط يتميز بالعناصر الشيوعية والرأسمالية.

ملخص لأهم النقاط:

  • الاقتصاد الموجه هو عندما يمتلك المخططون الحكوميون أو يتحكمون في وسائل الإنتاج، ويحددون توزيع الإنتاج.
  • تعاني الاقتصادات الموجهة من مشاكل ضعف الحوافز للمخططين والمديرين والعاملين في المؤسسات المملوكة للدولة. 
  • يتعذر على المخططين المركزيين في ظل غياب الملكية الخاصة وعملية العرض والطلب تحديد الأساليب، والكميات، والنسب، والموقع، والتوقيت داخل النشاط الاقتصادي.
  • يزعم مؤيدو الاقتصاد الموجه بأنهم قادرين على تحقيق التوزيع العادل والرفاهية الاجتماعية بشكل أفضل من النظام المعتمد على الربح الخاص.

مفهوم الاقتصاد الموجه
يُعرف أيضًا بالاقتصاد المخطط، والاقتصادات الموجهة لها مبدأ مركزي يتمثل في أن المخططين المركزيين الحكوميين يمتلكون أو يتحكمون في وسائل الإنتاج داخل المجتمع. اذ نجد أن الملكية الخاصة أو الأرض والعمالة ورأس المال إما غير موجودة أو محدودة الاستخدام في دعم الخطة الاقتصادية المركزية. على عكس اقتصادات السوق الحرة، حيث يتم تحديد أسعار السلع والخدمات من خلال العرض والطلب، تحدد الخطط المركزية في الاقتصاد الموجه الأسعار، وتتحكم في الإنتاج، وتحد أو تمنع تمامًا المنافسة داخل القطاع الخاص. لا توجد منافسة في الاقتصاد الموجه البحت، حيث تمتلك الحكومة المركزية أو تسيطر على جميع الأعمال.

الخصائص الأخرى للاقتصاد الموجه
في الاقتصاد الموجه، يحدد المسؤولون الحكوميون الأولويات الاقتصادية الوطنية، بما في ذلك كيف ومتى يتم تحقيق النمو الاقتصادي، وكيفية تخصيص الموارد للإنتاج، وكيفية توزيع عوائد الإنتاج. وغالبًا ما يأخذ هذا شكل خطط متعددة السنوات تشمل الاقتصاد بأكمله.
تدير حكومات الاقتصاد الموجه الأعمال بصورة احتكارية أو تتحكم في الكيانات التي تعتبر ضرورية لتحقيق أهداف الاقتصاد الوطني. في هذه الحالات، لا توجد منافسة محلية في تلك الصناعات. وتشمل الأمثلة المؤسسات المالية وشركات المرافق وقطاع التصنيع.
أخيرًا، يتم وضع جميع القوانين واللوائح والتوجيهات الأخرى من قبل الحكومة وفقًا للخطة المركزية. وتتبع جميع الشركات تلك الخطة وأهدافها، ولا تتأثر بقوى السوق الحرة أو مؤثراتها.

عيوب الاقتصاديات الموجهة
في ظل تمركز القوة الاقتصادية في أيدي المخططين الحكوميين وغياب تام أو شبه تام لدور الأسواق في تحديد الأسعار وتنسيق النشاط الاقتصادي، تواجه الاقتصادات الموجهة مشكلتين رئيسيتين في التخطيط الفعال للاقتصاد. الأولى هي مشكلة الحوافز، والثانية هي مشكلة الحساب الاقتصادي أو مشكلة المعرفة.
تعمل مشكلة الحوافز بعدة طرق. من ناحية، فإن المخططين المركزيين وغيرهم من صانعي السياسات في الاقتصاد الموجه هم بشر في النهاية. وصف اقتصاديو الاختيارات العامة بدءًا من جيمس بوكانان ( James Buchanan ) الطرق العديدة التي يمكن من خلالها لمسؤولي الدولة اتخاذ القرارات بناءً على مصالحهم الشخصية ما قد يُحمل المجتمع تكاليف مجتمعية وخسائر فادحة، ويؤثر بالضرر على المصلحة الوطنية.
تميل مجموعات المصالح السياسية وصراعات القوى بينها على الموارد إلى السيطرة على صنع السياسات في الاقتصاد الموجه أكثر من الاقتصادات المختلطة أو الرأسمالية في الغالب لأنها غير مقيدة بأشكال الانضباط القائمة على السوق مثل التصنيفات الائتمانية السيادية أو هروب رأس المال، لذلك يمكن زيادة هذه الآثار الضارة بشكل كبير.
تمتد مشاكل الحوافز في الاقتصاد الموجه أيضًا إلى ما هو أبعد من المخططين المركزيين أنفسهم. نظرًا لأن الأجور والرواتب يتم التخطيط لها مركزيًا أيضًا، ويتم تخفيف الأرباح أو استبعادها تمامًا من أي دور في قيادة القرارات الاقتصادية، فإن مديري وعمال المؤسسات التي تديرها الدولة لديهم حافز ضئيل أو معدوم لرفع الكفاءة، أو التحكم في التكاليف، أو المساهمة بجهود تتجاوز الحد الأدنى المطلوب لتجنب العقوبات الرسمية وتأمين مكانهم في التسلسل الهرمي المخطط مركزيًا. وبشكل أساسي، يمكن للاقتصاد الموجه أن يوسع بشكل كبير مشاكل الوكيل الأساسي بين العمال والمديرين والمنتجين والمستهلكين. ونتيجة لذلك، فإن المضي قدمًا في الاقتصاد الموجه يعني إرضاء رؤساء الحزب وامتلاك العلاقات الصحيحة، بدلاً من تعظيم قيمة المساهمين أو تلبية مطالب المستهلكين، ما يتسبب في انتشار الفساد على نطاق واسع.
تشمل مشاكل الحوافز التي يواجهها الاقتصاد الموجه أيضًا قضية معروفة جيدًا بمأساة الملكية على الشيوع، ولكن على نطاق أوسع مما هو موجود في المجتمعات الرأسمالية. نظرًا لأن كل رأس المال والبنية التحتية الإنتاجية أو معظمها مملوكة بشكل شائع أو مملوكة للدولة في الاقتصاد الموجه وليست مملوكة لأفراد معينين، ولكن من منظور المستخدمين فهي موارد غير مملوكة فعليًا. لذا فإن لدى جميع المستخدمين حافزًا لاستخراج أكبر قدر ممكن من قيمة الاستخدام بأسرع ما يمكن من الأدوات والمصانع المادية والبنية التحتية التي يستخدمونها ومن ناحية أخرى يكون لديهم حافز قليل إن وُجد للاستثمار في الحفاظ عليها. لذا نجد في الاقتصاد الموجه ميل المساكن والمصانع والآلات ووسائل النقل العام في الغالب إلى التلف والانهيار والتعطل لعدم تلقيها الصيانة الكافية أو الاستثمار المطلوب لإبقائها صالحة للاستخدام.
تم وصف مشكلة الحساب الاقتصادي في الاقتصاد الموجه لأول مرة من قبل الاقتصاديين النمساويين ميزس Ludwig von Mises وهايك F.A Hayek. وبغض النظر عن أي حوافز إشكالية،  تعتبر الإجابة عن أسئلة عملية مثل (من، ماذا، أين، متى، كيف) مهمة صعبة للمؤسسة الاقتصادية. إذ يجب على المخططين المركزيين حساب المقدار المطلوب إنتاجه وتقديمه لكل سلعة وخدمة داخل الاقتصاد. وتحديد (من ولمن) تنتج هذه السلع، و(أين ومتى) يتم ذلك، وما هي التكنولوجيات والطرق التي يجب أن تستخدم وأيضًا تحديد المزيج المناسب من عناصر الإنتاج (الأرض، العمل، رأس المال) التي يجب استخدامها.  بينما تعالج الأسواق هذه المشكلة بطريقة لا مركزية من خلال تفاعلات الطلب والعرض الناتجة من تفضيلات المستهلكين والندرة النسبية للسلع المختلفة وعوامل الإنتاج.
في الاقتصاد الموجه، لا يمكن تشغيل عملية العرض والطلب دون ضمان حماية لكل من حقوق الملكية والتبادل الحر للسلع وعوامل الإنتاج. أيضًا، لا يجد المخططون أي طريقة فعالة لتنظيم الإنتاج والتوزيع في ظل وجود تفضيلات المستهلكين وندرة الموارد. يعد النقص والفائض في السلع الاستهلاكية، وكذلك الموارد الإنتاجية أعلى وأسفل سلسلة التوريد، هي السمة المميزة المشتركة لهذه المشكلة. وتميل المواقف المأساوية والمتناقضة إلى الظهور، مثل رفوف المخابز الفارغة وجوع الناس بينما تفسد الحبوب في المستودعات بسبب حصص التخزين الإقليمية التي حددتها الخطة، أو وجود عدد كبير من الشاحنات التي يتم تصنيعها ثم تركها لتصدأ بسبب عدم وجود مقطورات كافية متوفرة في ذلك الوقت.
بمرور الوقت، تعني مشاكل الحوافز والحسابات الاقتصادية للاقتصاد الموجه إهدار كميات هائلة من الموارد والسلع الرأسمالية، مما يؤدي إلى إفقار المجتمع.

مبررات في مصلحة الاقتصاد الموجه
ويحتفظ الاقتصادات الموجهه بداعمين له إذ يرى داعميه أنه اقتصاد قادر على تخصيص الموارد لتعظيم الرفاهية الاجتماعية، على غرار الاقتصادات الرأسمالية يكون هذا الهدف ثانويًا فيها ويكون هدفها الرئيسي تعظيم الأرباح. بالإضافة إلى ذلك، يزعم المؤيدون أن الاقتصادات الموجه لها سيطرة أفضل على مستويات التوظيف من الاقتصادات الرأسمالية. حيث يمكنها خلق فرص عمل لتشغيل الناس عند الضرورة، حتى في حالة عدم وجود حاجة مشروعة لمثل هذا العمل. أخيرًا، يُعتقد على نطاق واسع أن الاقتصادات الموجهة متفوقة في اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة في مواجهة حالات الطوارئ والأزمات الوطنية مثل الحروب والكوارث الطبيعية. حتى أن المجتمعات القائمة على السوق الحر في الغالب ستحد من حقوق الملكية وتوسع بشكل كبير سلطات الطوارئ لحكوماتها المركزية أثناء مثل هذه الأحداث ولو بشكل مؤقت.

اشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك في نشرتنا الإخبارية

 

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات من فريقنا.

لقد تم اشتراكك بنجاح!

Share This