أصابت شركة تارغت (Target) قطاع تجارة التجزئة بصدمة خلال موسم الأرباح الأخير عندما وجدت أن انكماش المخزون (المخزون المفقود) من شأنه أن يقلل الربحية بمقدار 500 مليون دولار. كما حذا حذوها ثمانية تجار تجزئة آخرين على الأقل – بما في ذلك هوم ديبوت (Home Depot) ووول مارت (Walmart) ودولار تري (Dollar Tree) وتي جيه إكس (TJX) وألتا بيوتي (Ulta Beauty) – مشيرين إلى انكماش أعلى في أحدث إعلانات أرباحهم.

قال سكوت سيتيرستن كبير المسؤولين الماليين في ألتا (Ulta) في مكالمة مع المستثمرين في مايو / أيار: “كان حجم الانكماش هو الشيء الذي فاجأنا في هذا الربع، وهذا هو المحرك حقًا عندما نفكر في تعديل هامش التشغيل لهذا العام”. 

حيث خفضت ألتا (Ulta) توقعات هامش التشغيل للسنة المالية.

قال غريغ بورتيل الشريك الرئيسي في شركة الاستشارات التي تركز على البيع بالتجزئة كيرني (Kearney) أن السرقة من المتاجر ليست شيئًا جديدًا، لكن السرقة أصبحت في الأشهر الأخيرة أكثر “جرأة وشيوعًا”.

يقدر الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة أن الانكماش تسبب في خسائر بقيمة 95 مليار دولار تقريبًا في عام 2021، ارتفاعًا من 90.8 مليار دولار في عام 2020. يشمل الانكماش مجموعة متنوعة من خسائر المخزون منها سرقة العملاء والموظفين والأخطاء الإدارية والأضرار، إلا أن السرقة الناجمة عن جرائم التجزئة المنظمة كانت السبب الرئيسي في الزيادة في عام 2021، حسبما قال الاتحاد. تتكون الجماعات التي تقف وراء هذا النوع من الجرائم من سارقي المتاجر المحترفين الذين يعيدون بيع البضائع المسروقة بأسعار أرخص، وغالبًا ما يكون البيع في أسواق الطرف الثالث، والتي أصبحت أكثر انتشارًا في أعقاب ازدهار التجارة الإلكترونية في عصر الوباء.

نظرًا لأن السرقة تؤثر على الهوامش وتؤثر على الموظفين والعملاء، فإن شركات البيع بالتجزئة الآن في حالة استنفار، ويبحثون عن طرق لمعالجة المشكلة.

تقول ديبورا وينسفيغ الرئيسة التنفيذية لشركة أبحاث البيع بالتجزئة كور سايت ريسيرش (Coresight Research): “أعتقد أن التحدي الأكبر الذي يواجه شركات تجارة التجزئة في الوقت الحالي هو القدرة على الحفاظ على أرباح متاجرهم، ولكن الأهم من ذلك، الحفاظ على سلامة موظفيهم وعملائهم. أعتقد أن هذه كانت في الواقع نقطة الانعطاف الحقيقية”.

تحاول بعض الشركات تجنب المشكلة عن طريق إغلاق المتاجر في الأماكن ذات مستويات الانكماش المرتفعة. كما أن هناك الشركات التي تستثمر في استراتيجيات جديدة لمنع الخسارة. قال ما يقرب من نصف تجار التجزئة أن ميزانياتهم لمنع الخسائر قد توسعت في عام 2022 مقارنة بالعام السابق، وفقًا لمسح حديث أجراه الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة.

أحد أساليب تجنب مشكلة السرقات هو ما أسماه ريتشارد دريلينغ الرئيس التنفيذي لشركة دولار تري (Dollar Tree) في مكالمة في مايو / أيار مع المستثمرين: “الترويج الدفاعي”. وفيها يتم تغليف العطور أو شفرات الحلاقة في صناديق بلاستيكية أو ربط الإلكترونيات لعرض الرفوف بأسلاك معدنية أو حفظ السلع في أدراج شفافة لا يمكن فتحها إلا للموظفين.

قام تجار التجزئة أيضًا بتزويد فرق الأمن الخاصة بهم وتوظيف شركات أمنية خاصة أو ضباط شرطة خارج الخدمة. قال ما يقرب من 40% من تجار التجزئة أنهم وظفوا المزيد من الأشخاص لفرق منع الخسائر في عام 2022، حسبما وجد الاتحاد الوطني لتجار التجزئة. تضاعف بعض الشركات أيضًا من السياسات التي تمنع موظفي المتاجر من التعامل مع سارقي المتاجر، لتقليل حالات المواجهات العنيفة المحتملة.

يستثمر آخرون كذلك في استخدام تقنيات الكشف عن السرقة. إن شركة هوم ديبوت (Home Depot) – على سبيل المثال – تنفق المزيد على التعلم الآلي وأدوات تحليل البيانات لتحديد المناطق أو فئات المنتجات الأكثر عرضة للخطر، كما قال إدوارد ديكر الرئيس التنفيذي للشركة في اجتماع المساهمين السنوي للشركة في مايو / أيار.

واحدة من أكثر تقنيات منع الخسارة شيوعًا هي التعريف بتردد موجات الراديو (RFID)، والتي تستخدم موجات الراديو لتحديد الأشياء التي تم تمييزها بأجهزة قراءة خاصة. قال ماثيو غيستي استراتيجي تكنولوجيا البيع بالتجزئة العالمية في زيبرا تكنولوجيز (Zebra Technologies) أن هذا مفيد تحديدًا في تتبع العناصر عالية القيمة. يعد برنامج تحليل الفيديو المستند إلى الذكاء الاصطناعي أداة شائعة أخرى، حيث يساعد تجار التجزئة على التعرف على المخالفين المتكررين أو التهديدات المحتملة عند نقاط الخروج أو في مواقف السيارات.

تمارس الشركات أيضًا ضغوطًا على المشرعين على المستويين المحلي والوطني لتمرير القواعد التي تجعل مقاضاة جرائم التجزئة المنظمة أسهل. يدعم العديد من تجار التجزئة مثل هوم ديبوت (Home Depot) قانون مكافحة جرائم التجزئة المنظمة، وهو مشروع قانون من الحزبين يشق طريقه عبر الكونغرس، ومن شأنه أن يفعّل إنفاذ القانون الفيدرالي للمشاركة في محاكمة مجموعات جرائم البيع بالتجزئة المنظمة. في العام الماضي، طلبت إدارة بايدن من الكونغرس تمرير تشريع يشجع الأسواق عبر الإنترنت على الحد من مبيعات البضائع المسروقة على منصاتها.

سيستغرق انعكاس نتائج أي من استراتيجيات الحد من السرقة الجديدة هذه في أرباح الشركات وقتًا . في الواقع، قد تؤثر تكاليف تنفيذها على الربح على المدى القصير. قال جيمس كيهو المدير المالي لشركة وول غرينز بوتس أليانس (Walgreens Boots Alliance WBA) في يناير / كانون الثاني أن الشركة “أنفقت مبلغًا لا بأس به” لمنع السرقة في عام 2022، مما قد يكون انعكس في الإنفاق المرتفع في البيع والتكاليف العامة والإدارية في ذاك الربع.

قال كيهو: “ربما نكون تأثرنا كثيرًا في العام الماضي”، مضيفًا أن الشركة كانت تتراجع عن إنفاق الكثير على الأمن.

لكن الاستثمار ساعد بالفعل. وأضاف أن تقلص مخزون الشركة في يناير / كانون الثاني بلغ 2.5% تقريبًا من المبيعات، انخفاضًا من 3.5% في العام السابق. ذكرت بارونز سابقًا أن وجود استراتيجية قوية ضد انكماش المخزون قد منح شركات مثل كوستكو ولسيل (Costco Wholesale) ميزة تنافسية.

قال بورتيل: “إذا لم يشعر الموظفون والمستهلكون بالراحة في الذهاب إلى المتجر، فسيكون لذلك تأثير كبير على النتيجة النهائية. لذلك يتعين على تجار التجزئة معالجتها – أو إغلاق متاجرهم”.

اقرأ أيضًا إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع إنتاجا قياسيا للخام في الولايات المتحدة

المصدر: بارونز