اختر صفحة

الحقيقة المزعجة بشأن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة

الصفحة الرئيسية » الاقتصاد » الحقيقة المزعجة بشأن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة

أعلنت مجلة الإيكونوميست البريطانية في تحقيق رئيسي حديث أن الاقتصاد الأمريكي ينمو بشكل استثنائي مقارنة بباقي الاقتصادات. إن هذه الفكرة قد تكون مصدر راحة في واشنطن. لا سيما بين أولئك الذين يشعرون بالانقسامات العميقة في البلاد، والمحبطون من تكرار انتخابات عام 2020 مجددًا بين الرئيس الثمانيني الحالي والرئيس السابق المتهم، ويرون شبح الجمود الذي يلوح في الأفق بشأن رفع سقف الديون الذي قد يجبر البلاد على التخلف عن سداد الديون، لذا فإن فكرة أن الاقتصاد الأمريكي يتخطى العالم هي طمأنة مرحب بها. إن مجلة الإيكونوميست تخبرنا أن “هيمنة أمريكا على العالم الغني مذهلة”.

ومع ذلك، فإن الحقيقة المزعجة هي أن مجلة الإيكونوميست توصلت إلى هذا الاستنتاج المذهل من خلال استبعاد النظير الحقيقي الوحيد للولايات المتحدة وهي الصين، حيث تقارن المجلة الولايات المتحدة مع منافسيها في مجموعة السبع وهم كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة. لكن إعلان الولايات المتحدة الفائز بتغلبها على الأعضاء الآخرين في مجموعة السبع يشبه منح عداء أولمبي أمريكي الميدالية الذهبية باستبعاد بطل العالم يوسين بولت. إن انتقاد الجنوب العالمي لمجموعة السبع باعتبارها نادٍ قديم وشاحب من الإمبرياليين السابقين أمر مبالغ فيه، ولكن الحقيقة هي أنه منذ تأسيس المجموعة قبل نصف قرن، كانت حصة اقتصاداتها من الناتج المحلي الإجمالي العالمي تتقلص باطراد. اليوم، تمثل اقتصاداتها السبعة 44% فقط من الإجمالي العالمي (أو 30% مقاسة بمقياس تعادل القوة الشرائية الذي يستخدمه صندوق النقد الدولي ووكالة الاستخبارات المركزية كأفضل مقياس منفرد لمقارنة الاقتصادات الوطنية).

إذا كان المتنافسون الآخرون الباقون على تشكيل النظام الدولي للقرن الحادي والعشرين هم القوى العظمى الست الأخرى في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، فيمكننا أن نشعر بالارتياح لأن الولايات المتحدة كانت تمسك بزمام المبادرة. لكن التحدي المحدد لهذا العالم الجديد هو التنافس بين الولايات المتحدة والصين الصاعدة بشكل مذهل. إن الناتج المحلي الإجمالي ليس كل شيء بالطبع، لكنه يخلق البنية التحتية للسلطة في العلاقات بين الدول. وعندما ننظر إلى البيانات بدلاً من التصريحات، سيصعب إنكار الحقائق. إن الصين هي الدولة التي زاد حجم اقتصادها – الذي كان يعادل عُشر حجم اقتصاد الولايات المتحدة عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في بداية هذا القرن – ليعادل ثلاثة أرباع حجم اقتصاد الولايات المتحدة العام الماضي، كما نما هذا الاقتصاد بمعدل أسرع من أي دولة من دول مجموعة السبع في كل عام على مدى العقود الثلاثة الماضية. إن الصين ستملك “الاقتصاد الكبير” الأسرع نموًا في العالم هذا العام.

تم إصدار التقارير الرسمية لأداء الصين في الربع الأول من عام 2023 الأسبوع الماضي. لقد نما اقتصاد الصين بنسبة 4.5% مدفوعًا بالاستهلاك المحلي والصادرات التي زادت بنسبة 15%. ما سيحدث في الأرباع الثلاثة المقبلة وما بعدها لم يتضح بعد. لكن يتعين على المستثمرين والشركات والبلدان أن يصدروا أفضل أحكامهم. وفي السباق بين الولايات المتحدة والصين، لا يتوقع حتى المحللون الذين لديهم أفضل السجلات أن تتفوق الولايات المتحدة على الصين.

في الواقع، إن العكس هو ما يحدث. فباستثناء عدد قليل من الأكاديميين والمحررين غريبي الأطوار الذين روجوا لنظرية “ذروة الصين”، يتوقع الجميع أن ينمو اقتصاد الصين بشكل أسرع من اقتصاد الولايات المتحدة هذا العام. كما أنهم يتوقعون أن ينمو بوتيرة أسرع من الولايات المتحدة العام المقبل. وبالتالي ففي عام 2025 وما بعد ذلك يمكن توقعه بسهولة. إن السؤال الوحيد الذي يناقشه المحللون والمستثمرون المطلعون الآن هو: بأي مقدار سيسبق معدل نمو الاقتصاد الصيني هذا العام معدل نمو اقتصاد الولايات المتحدة؟ هل يكون أعلى بمرتين؟ أو ثلاث مرات؟ أم أكثر؟

بالنسبة لأي شخص جاد بشأن مزاعمه بأن الولايات المتحدة تسبق أقرانها أو مقتنع بأن اقتصاد الصين بلغ ذروة نموه وسيبدأ في التراجع، أقترح عليه العثور على زميل وإجراء رهان مثل الذي اقترحته على زملائي في جامعة هارفارد. لقد راهنت بما يصل إلى 1000 دولار على الاقتراح القائل بأن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2023 لن ينمو بوتيرة أسرع من الصين. في الواقع، لقد عرضت حتى أن أراهن على أن الولايات المتحدة لن تنمو حتى بنصف معدل نمو الصين هذا العام.

ومع ذلك، قبل أن يبدأ أي شخص في وضع أمواله في رهان على نمو كبير لاقتصاد الولايات المتحدة، أقترح عليه أن يراجع الحقائق أولاً. تشمل توقعات الإجماع لعام 2023 صندوق النقد الدولي ومكتب الميزانية بالكونجرس الأمريكي وبنوك الاستثمار الكبرى ومعظم الاقتصاديين الأكاديميين. كل هذه التوقعات تشير إلى نمو الاقتصاد الأمريكي سيتراوح بين 0.1% و1.6% هذا العام، بينما يتراوح معدل نمو الاقتصاد الصين بين 4.8% إلى 6%. حتى الآن هذه التقديرات تسير على الطريق الصحيح. لقد قالت وزارة التجارة الأمريكية هذا الأسبوع أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نما بمعدل سنوي 1.1% في الربع الأخير. أفضل رأي لدي هو أنه عندما يتم إغلاق التقارير في عام 2023، ستكون الصين قد نمت بأكثر من ثلاثة أضعاف معدل نمو الولايات المتحدة.

يجدر أيضًا التفكير في الرهانات الضمنية التي قدمها المسؤولون التنفيذيون والتي تجعل ثروات شركاتهم على المحك. احتل تيم كوك الرئيس التنفيذي للشركة الأكثر قيمة في العالم – وهي شركة أبل (Apple) – مركز الصدارة في منتدى التنمية الصيني في بكين الشهر الماضي لشرح سبب رهانه بمستقبل شركته على النمو المستمر للصين. على الرغم من التوسع في الهند وفي أماكن أخرى في جنوب شرق آسيا لتنويع سلسلة التوريد الخاصة بها، لا تزال أبل (Apple) تنتج 95% من أجهزة آيفون (iPhone) وآيباد (iPad) وماك بوك (MacBook) في الصين. يرى هوارد شولتز رئيس مجلس إدارة ستاربكس (Starbucks) إحدى العلامات التجارية الاستهلاكية الأكثر شهرة في العالم أن الصين ستصبح أكبر سوق للشركة بحلول عام 2025. تفتح ستاربكس (Starbucks) موقعًا صينيًا جديدًا كل تسع ساعات. كذلك ضاعف إيلون ماسك – أحد أغنى رواد الأعمال وأكثرهم غرابة في العالم – جهوده في الصين قبل أسبوعين معلنًا عن خط تجميع ثانٍ لإنتاج بطاريات تسلا (Tesla) في شنغهاي. وقال ماسك: “ستكون الصين على المدى الطويل أكبر سوق لنا، حيث نصنع أكبر عدد من المركبات فيها ولدينا أكبر عدد من العملاء”.

في بداية عام 2023، بلغ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للولايات المتحدة حوالي 20 تريليون دولار أمريكي والصيني حوالي 16 تريليون دولار أمريكي، بفارق قدره 4 تريليونات دولار أمريكي. ومع ذلك، عندما ننظر إلى الأرقام بدلاً من الكلام، سنرى أن الفجوة تتقلص كما فعلت خلال السنوات الـ 46 الماضية.

الكاتب: غراهام أليسون هو أستاذ في جامعة هارفارد وشغل سابقًا منصب مساعد وزير الدفاع الأمريكي.

اقرأ أيضًا أبرز أسهم التكنولوجيا ذات توزيعات الأرباح الجذابة

المصدر: بارونز

ربما يعجبك أيضا…

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك في نشرتنا الإخبارية

 

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات من فريقنا.

لقد تم اشتراكك بنجاح!

Share This