تواجه السلطات المالية في الصين والقطاع المالي الذي تسيطر عليه الدولة جولة جديدة من الانضباط الحزبي، والتي سيكون لها تداعيات كبيرة على توقعات الدخل للشركات المملوكة للدولة، وجهود الدولة للحد من المخاطر وتمويل الشركات.
يعتبر القطاع المالي من بين القطاعات الأكثر ربحية في الصين، حيث ارتفعت الأرباح المجمعة لستة بنوك مملوكة للدولة في الصين بنسبة 6% على أساس سنوي لتصل إلى 1.36 تريليون يوان (197.8 مليار دولار أمريكي) في عام 2022. لكن انكشاف القطاع بشكل كبير على الشركات العقارية وأدوات التمويل المحلي تظهر أن هذه القطاع عرضة لمخاطر كبيرة، وهي ما تحرص السلطات على التغلب عليها.
ما مدى اختلاف هذه الحملة عن سابقاتها؟
يُعتقد أن أحدث حملة لمكافحة الفساد في الصين – والتي بدأت في عام 2013 – كانت جزئيًا حول المناورات السياسية.
ساعدت الحملة الرئيس شي جين بينغ على تعزيز قاعدة سلطته، حيث تم التحقيق مع أكثر من 500 من كبار المسؤولين – على مستوى نائب وزير وما فوق – ومعاقبتهم.
هذه المرة، تركز اللجنة المركزية لفحص الانضباط (CCDI) – وهي أعلى وكالة لمكافحة الفساد في الصين – على مواجهة المخاطر المالية المحلية وتخفيف الصدمات الخارجية في البلاد ووضع الأساس للانتعاش الاقتصادي والابتكار التكنولوجي.
تستهدف الحملة التي أُعلن عنها في 27 مارس / آذار الشركات المملوكة للدولة بما في ذلك خمس مؤسسات مالية.
ويتزامن ذلك مع تغيير النظام التنظيمي المالي، وهو تغيير تضمن إنشاء اللجنة المالية المركزية والإدارة الوطنية للتنظيم المالي مؤخرًا، والتي عززت سيطرة الحزب على القطاع المالي.
من الذي تأثر حتى الآن؟
تشمل المؤسسات المالية الخمس التي يجري التحقيق فيها تشاينا إنفستمنت كورب (China Investment Corp) وصندوق الثروة السيادي للدولة البالغ 1.35 تريليون دولار أمريكي وبنك التنمية الصيني (China Development Bank) وتشاينا إيفربرايت غروب (China Everbright Group).
تم التحقيق مع اثني عشر مديرًا تنفيذيًا ماليًا أو مسؤولًا تنظيميًا منذ تولي الحكومة الجديدة مهامها في منتصف مارس / آذار الماضي، وفقًا للموقع الإلكتروني للجنة المركزية لفحص الانضباط.
أثارت التحقيقات الأخيرة مع ليو ليانغ رئيس بنك أو تشاينا (Bank of China) السابق ولي شياوبينغ الرئيس السابق لتشاينا إيفربرايت غروب (China Everbright Group) اهتمام السوق وعززت التكهنات بأنه حتى الكوادر الأعلى مرتبة يمكن استهدافها.
يعد الرئيسان أكبر مديرين تنفيذيين ماليين يتم التحقيق معهم منذ سقوط نائب محافظ البنك المركزي فان ييفي في نوفمبر / تشرين الثاني.
ماذا بعد؟
دعت حملة فحص الانضباط وتقصي الحقائق على الصعيد الوطني التي أطلقها الحزب الشيوعي إلى ردود فعل الجمهور على السياسات، بما في ذلك تلك التي تستهدف القروض المعدومة وأزمة سوق العقارات والديون الحكومية المحلية ونقص الدعم التمويلي للشركات الصغيرة والخاصة.
ولتعزيز آفاق النمو على المدى القريب، تحث بكين البنوك على تعزيز الإقراض للاقتصاد الحقيقي. بلغت قروض اليوان الجديدة 4.9 تريليون يوان في يناير / كانون الثاني و1.81 تريليون يوان في فبراير / شباط.
قد يكون هناك مزيد من دعم السيولة للشركات العقارية المثقلة بالديون، وذلك لضمان تسليم المنازل للمشترين ومنع ظهور المزيد من القروض المعدومة في الميزانيات العامة للبنوك.
من المحتمل أيضًا أن تكون هناك حملة أعمق على المضاربات المالية غير المشروعة، والتي قد تؤثر على الأعمال التجارية بين البنوك.
قد يعني انشغال الحكومة بالتخلص من المخاطر والتعافي الاقتصادي أيضًا مزيدًا من الحذر بشأن الإصلاحات والانفتاح في القطاع المالي، خاصةً وأن انهيار بنك سيليكون فالي (Silicon Valley Bank) قد أثار القلق بين السلطات المنظمة.
شهد موظفو المؤسسات المالية المملوكة للدولة بالفعل انخفاضًا كبيرًا في رواتبهم في العام الماضي. على سبيل المثال، قالت شركة تشاينا إنترناشيونال كابيتال (China International Capital Corp) في تقريرها السنوي لعام 2022 أن متوسط الرواتب انخفض بنسبة 19.7% عن العام السابق، في حين خفّضت تشاينا ميرشانت سيكيوريتز (China Merchants Securities) متوسط رواتبها بنسبة 22.8%.
لا تزال الأجور في القطاع المالي أعلى بكثير من القطاعات الأخرى، وقد حذرت وكالة فحص الانضباط العليا في فبراير / شباط من أن المتخصصين الماليين يجب أن يتخلوا عن تعريفهم أنفسهم كنخبة.
اقرأ أيضًا في قرار مفاجئ.. الهند توقف رفع أسعار الفائدة مؤقتًا
0 تعليق