اختر صفحة

هل يعزز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العولمة من جديد؟

الصفحة الرئيسية » الاقتصاد » هل يعزز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العولمة من جديد؟

إن مدينة نيويورك حارة جدًا. عندما التقيت بوزير الاستثمار البريطاني الجديد دومينيك جونسون كانت درجة الحرارة 95 درجة. لكن جونسون كان مليء ببهجة، وكان ينقر بفرح على صدري بأوراق ملفوفة ويصافح يدي. إنه في المدينة للقاء أميركيين يستثمرون في بريطانيا. وقد كان مبتهج بذلك.

قال لي: “إن الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة المتحدة يسير بشكل جيد للغاية”. هذا استثمار أجنبي مباشر، وهو مؤشر جيد يتماشي مع وعود خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي قالت بأن بريطانيا ستكون مفتوحة للأعمال التجارية. وأضاف: “لقد تم الوصول إلى أعلى قمة على الإطلاق، عند 2.7 تريليون دولار”. هذه تقريبًا ضعف حجمه خلال عقد من الزمن، ونتيجة لذلك ستفتخر أي حكومة بذلك. ثم جلسنا على مقاعدنا وبدأ جونسون يشرح أهداف المملكة المتحدة: “إن رئيس الوزراء لديه طموح واحد وهو تحويلنا إلى قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا”.

بعد سبع سنوات من التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يبدو أن المملكة المتحدة لديها خطة.

في هذه المرحلة، يجب أن أخلي مسؤوليتي. أنا مسؤول بريطاني سابق، وقد خدمت في القنصلية البريطانية في نيويورك وأريد للبلد أن تنجح. لكني أعرف مثل أي شخص أن سمعة البلاد في الاستقرار قد تضررت. لم يكن الخروج من أوروبا سلسًا، فقد تطلب الأمر خمسة رؤساء وزراء. تم خروج إحداهن – وهي ليز تروس – بعد أن اضطربت الأسواق.

في الوقت الحالي، أصبحت البيانات الاقتصادية البريطانية عبارة عن خليط. تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نموًا بنسبة 0.3% هذا العام و1% في عام 2024. وأن يتجه معدل تضخم مؤشر أسعار المستهلك إلى الانخفاض من 8.7% في مايو / أيار إلى 7.9% في يونيو / حزيران. ولكن دفاعًا عن بريطانيا، فقد كانت البيئة الاقتصادية العالمية – ولا تزال – صعبة للغاية.

لذا، فقد دفعت جونسون إلى ذكر التفاصيل، فسألته ما الذي تبيعه المملكة المتحدة بالضبط الآن؟

قال جونسون: “نحن نبيع أشخاصًا غير عاديين، وقاعدة البحث والتطوير الاستثنائية التي تمتلكها المملكة المتحدة. إذا لم نكن في طليعة الذكاء الاصطناعي والتصنيع المتقدم والمستحضرات الصيدلانية، فلن نمتلك القوة الاقتصادية للثروة والأمن في المستقبل”.

نادرًا ما يعترف الوزراء بأن المستقبل قد يكون أسوأ. لذلك طلبت منه تحليله الأساسي.

فقال: “في حياتي، كانت هناك حركتا مد وجزر كبيرتان. وقد كانتا عبارة عن انخفاض مستمر في التضخم وعولمة متزايدة باستمرار. الآن، في السنوات الخمس الماضية، انعكس ذلك”.

إنها ملاحظة جيدة. قد تتباطأ الزيادات في الأسعار في الولايات المتحدة وفرنسا. ولكن بعد كل ما قيل، فإن التضخم باقٍ. لقد ولت أيام النقود المجانية. وأثناء ذلك، كانت التجارة آخذة في التفتت. ضع في اعتبارك قائمة الكلمات الجديدة: في الداخل وقريب الحدود والحدود الصديقة والفصل وعدم المخاطرة. لقد تبددت ذروة التجارة العالمية.

هل نجحت بريطانيا؟

“لماذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟ لتمكين بريطانيا من أن تصبح قوة تجارية عالمية، بدلاً من مجرد الانغلاق في منطقة تجارية مهمة ولكنها ذات سوق واحدة. لقد سمعنا هذه الحجة من قبل. إنه شعار بريطانيا العالمية، فكرة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيحرر المملكة المتحدة لتقوم بالتجارة. حتى الآن، كان أفضل اتفاق جديد هو انضمام بريطانيا هذا الشهر إلى الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ. وحتى الآن، أي مكاسب ستتحقق ما زالت في المستقبل.

لكن جونسون أثار نقطة أخرى مثيرة للاهتمام، حيث قال: “نحن الحكومة الوحيدة في العالم التي تحاول التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة الآن. وهذا ليس مثار جدل”. إن عبارة “مثار جدل”، التي ينطق بها بريطاني، تعني أن هناك خلافًا شديدًا. تسعى العديد من الدول إلى علاقات تجارية أعمق مع جيرانها. لكن بينما نشرب المشروبات السكرية، أعتقد أنني أفهم ما يعنيه جونسون. إن العديد من الترتيبات التجارية الأخرى ليست ليبرالية. والعديد منها إقليمي أيضًا. فكر في مبادرة الحزام والطريق الصينية. فكر في الاتحاد الأوروبي. إذن، هل بريطانيا ليست مجرد قوة للتجارة الإقليمية، بل للدولية أيضًا؟

أوضح جونسون ذلك قائلًا: “نحن نسير ضد اتجاه تراجع العولمة، وكان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جزءًا من ذلك”. في عالم يتضاءل فيه عدد السلع وسلاسل التوريد المعطلة ويصبح فيه رأس المال أكثر تكلفة، يزعم جونسون بأن المملكة المتحدة يمكنها أن تبقي الأسواق العالمية على قيد الحياة حقًا. وأضاف: “إن التغيير في العلاقة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي سيسمح لبريطانيا بفعل أكثر بكثير مما كان في وسعها من قبل. ونحن متحالفون مع أوروبا، لذلك سيسمح ذلك لأوروبا أن تصبح أقوى أيضًا”.

قبل عام، كل هذه الإيجابيات كانت ستبدو غريبة.

جعل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من الصعب على المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الاتفاق حتى على مجرد القضايا الاقتصادية الصغيرة. لكن الحرب الروسية في أوكرانيا أدت إلى استجابة جماعية من شأنها أن تجعل التعاون أسهل في كل مكان. قادت المملكة المتحدة الطريق في إرسال الأسلحة، وتبعها الاتحاد الأوروبي. يمكن لبريطانيا والاتحاد الأوروبي التعاون بالفعل. ويمكن لبريطانيا أن تبتكر، وتبقى مركز تدفقات رأس المال العالمية وتقود حزمة الجيل التالي من التكنولوجيا.

لكن هناك مشكلة أخرى وهي الصين. هذا يمكن أن يعترضنا. إن الأمريكيين – أقوى حليف لبريطانيا – يوقفون صعود الصين. ومن ناحية اخرى، تستعيد الصين – مصدر الأعمال المستقبلية للندن – أسلحتها. إذن كيف تتجنب المملكة المتحدة هذا الشجار؟

قال جونسون: “إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمنحنا فرصة لاستعراض عضلاتنا الدبلوماسية وأن نكون على ما كنا عليه دائمًا كأمة محورية في العالم. يجب أن نتولى هذا الدور مرة أخرى. وقد بدأ ريشي سوناك بالفعل في القيام بذلك”. كان جونسون يشير هنا إلى إطار عمل وندسور وإعلان أتلانتيك، وهو عبارة عن خطة للتعاون بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فيما يمكن أن نطلق عليه الاقتصاد الاستراتيجي المتمثل في أشياء مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء والمعادن الهامة.

كان هناك وقت لسؤال أخير. إن جونسون من المحافظين، ولكنه كمستثمر من حيث المهنة، فهو بلا شك رجل أسواق حرة. إذًا، كيف يوفق بين تلك الفلسفة مع ما هو في الأساس السياسة الصناعية الجديدة للمملكة المتحدة؟

قال جونسون: “يجب أن تزيل الحكومة المخاطر، لا أن تكون مستثمرة. لذلك أنا مرتاح جدًا لحاجة الحكومة إلى الشراكة مع القطاع الخاص وتطوير هذه المشاريع الضخمة ذات رأس المال المكثف”. لقد اختارت تاتا موتورز (Tata Motors) مؤخرًا المملكة المتحدة بالفعل لإنشاء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية بمليارات الدولارات. وقد قدمت حكومة المملكة المتحدة دعم المشروع.

أنا أعتقد أنه إذا سارت خطة المملكة المتحدة الكبيرة على ما يرام، فستكون الدولة قادرة على ركوب موجة القرن الحادي والعشرين، والابتكار محليًا وإدارة الأموال العالمية من الشرق والغرب على حد سواء. إن البديل لذلك كئيب، وهو انزلاق حاد إلى انعدام أهمية المملكة.

بعد ذلك كان على جونسون أن يذهب لتناول العشاء، وأن ألحق أنا القطار. لذا تصافحنا مرة أخرى.

ولكن بعد ذلك، قال جونسون: “يجب أن نفكر كثيرًا، أكبر بكثير”. قال ذلك لي، وهو لا يزال يبتسم وهو يغادر. وعلى هذا، يتفق رجلان إنجليزيان.

نبذة عن الكاتب: إدوارد برايس – مدير في إرغو (Ergo)، وهي شركة عالمية للاستشارات والتنبؤات. وهو مسؤول تجاري بريطاني سابق، كما أنه يدرّس في مركز الشؤون العالمية بجامعة نيويورك.

اقرأ أيضًا هل يجب شراء أسهم دير آند كومباني الآن؟

المصدر: بارونز

ربما يعجبك أيضا…

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك في نشرتنا الإخبارية

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات من فريقنا.

لقد تم اشتراكك بنجاح!

Share This