عمل أعلى معدلا فائدة في 15 عاما على تأخير امتلاك الأمريكيين لمنازلهم، كما جمدت خطط العمل وأجبرت العديد من الأمريكيين على اقتراض بشروط مجحفة، والتي لم يكن ليتخيلها أحد قبل تسعة أشهر فقط من الآن.
الأهم من ذلك كله، أن الارتفاع المفاجئ في تكاليف الاقتراض يضر الأفراد منخفضي السيولة. وهذا الضرر على وشك أن يزداد سوءًا مع استمرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي في حملته لمكافحة التضخم وفي رفع أسعار الفائدة العام المقبل.
قال فيليب كورنيل الخبير الاقتصادي في معهد لودفيج للازدهار الاقتصادي المشترك (Ludwig Institute for Shared Economic Prosperity) الذي يركز على البحث حول العائلات متوسطة ومنخفضة الدخل.
نظرًا لأن دورة رفع أسعار الفائدة الأكثر عدوانية خلال جيل كامل من جانب الاحتياطي الفيدرالي تتفشى عبر الاقتصاد الأمريكي، فإن الفجوة تتسع بين من يملكون ومن لا يملكون. حتى إذا لم يحدث الركود المتوقع، فإن الأسر والشركات ستشعر بالألم المالي.
وفيما يلي أهم جوانب الاقتصاد الأكثر تأثرًا بارتفاعات أسعار الفائدة:
ملكية المنازل
ارتفعت معدلات الرهن العقاري جنبًا إلى جنب مع إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي
تشعر ماندا ويتس من سواني بولاية جورجيا بأنها محظوظة، لأنها وزوجها اشتروا منزلهم الريفي بالقرب من أتلانتا قبل عام بقرض 3%، وهو معدل أقل من نصف المعدلات الرهن العقاري الحالية.
لتقليص النفقات وسط ارتفاع أسعار المستهلكين، اشترى الزوجان مؤخرًا ثلاجة وخزنا ربع بقرة ونصف خنزير فيها. لكنهم أوقفوا خطة الانتقال إلى منزل عائلة واحدة في الوقت الحالي.
تقول ويتس التي تتلقى مخصصات الاحتياجات الخاصة: “نود شراء بعض الأراضي للبناء عليها، لكن هذه الأسعار لا تجعل ذلك جذابًا، لذلك نحن ننتظر”.
تقول آنا كونفورتي وكيلة العقارات في ريماكس أليانس غروب (Re/Max Alliance Group) أنه حتى في سوق تامبا بولاية فلوريدا الذي كان نشطًا في السابق، أصبح ظهور عدد قليل من الناس في منزل معروض للبيع يعتبر الآن جيدًا وأن “الناس ينتظرون فقط على الهامش”.
مع وصول معدلات الرهن العقاري إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2001 هذا العام، وجد وكلاء العقارات أنفسهم فجأة يبحثون عن العملاء مرة أخرى، هذا إن لم يفقدوا وظائفهم قبل ذلك. لقد تم بالفعل تسريح الآلاف من موظفي الرهن العقاري في البنوك بما في ذلك ويلز فارغو (Wells Fargo & Co) وجيه بي مورغان تشايس (JPMorgan Chase).
دفع ارتفاع معدلات الفائدة وارتفاع أسعار المنازل أثناء الوباء مدفوعات الرهن العقاري الشهرية لمنزل متوسط السعر إلى أكثر من 2000 دولار، مقارنةً بحوالي 1100 دولار قبل تفشي الوباء.
تكاليف المنازل
أقساط الرهن العقاري الشهرية لمنزل أمريكي متوسط السعر مع دفعة أولى بنسبة 10٪ ومعدل رهن عقاري لمدة 30 عامًا.
“الحلقة المفرغة”
إن الفجوة الآخذة في الاتساع بين الأثرياء والذين يعانون من ضائقة مالية تلعب دورًا في وكلات السيارات في جميع أنحاء البلاد. الأولى تدفع أكثر مقدمًا، بينما الثانية عالقة في قروض السيارات ذات الأسعار المرتفعة التي ستتركهم إما غارقين أو مضطرين إلى القيام بتسوية لشراء سيارات أرخص وأقل موثوقية.
يأخذ الآن واحد من كل ثلاثة مشتري سيارات تقريبًا قروضًا تتراوح مدتها بين ست إلى سبع سنوات على السيارات المستعملة للمساعدة في خفض المدفوعات الشهرية.
يقول أورين وينتراوب الذي يقدم خدمة مقابل رسوم لمساعدة المستهلكين على التفاوض على أسعار أفضل مع التجار في كاليفورنيا عندما يعلق المستهلكين لفترة طويلة، فإن الرصيد المستحق يتجاوز بسرعة قيمة سيارة مستعملة. عندما يشترون سيارتهم التالية، سيتم دفع هذا الرصيد إلى القرض الجديد.
ويضيف: “إنها حلقة مفرغة”.
قروض السيارات تصير أطول
ما يقرب من 30٪ من قروض السيارات المستعملة تتجاوز 6 سنوات
كان مات تامبورنيني يأمل في الحصول على قرض سيارة لبناء تاريخه الائتماني. اعتقد الرجل الذي يبلغ من العمر 22 عامًا – والذي يعيش بالقرب من نوكسفيل بولاية تينيسي مع والديه – أنه سيكون في وضع يسمح له بشراء منزل عندما تنخفض معدلات الرهن العقاري في النهاية.
تعثرت خطته عندما عرضت وكالة سيارات محلية معدل قرض بنسبة 23% ومدة 60 شهرًا، وهي صفقة كان من شأنها أن تضطره إلى دفع آلاف أكثر مما كان يخطط. اشترى السيارة على أي حال، ولكنه سرعان ما ندم وأعادها ليسترد أمواله.
في الوقت الحالي، يقود تامبورنيني سيارة مستعملة منذ 15 عامًا اشتراها نقدًا.
قال تامبورنيني: “يبدو أن لا شيء يمكن تحمله”.
الجنوح آخذ في الارتفاع
قروض السيارات التي فات موعد استحقاقها.
الديون الائتمانية
ارتفعت أسعار الفائدة على بطاقات الائتمان التي بلغ متوسطها 16.3% في بداية العام إلى ما يزيد قليلاً عن 19%، وفقًا لموقع بنك ريت (Bankrate.com).
يقول سكوت سانبورن الرئيس التنفيذي لشركة ليندينغ كلوب (LendingClub Corp) أن هذه الزيادة هائلة خاصة بالنسبة للمستهلكين ذوي الدخل المنخفض، الذين قد يسددون الحد الأدنى للدفع ويتحملون رصيدًا لمدة 20 عامًا
قال سانبورن: “لا أعتقد أن المستهلكين قد استوعبوا بالكامل حتى الآن مدى زيادة تكلفة معيشتهم بالفعل”.
ارتفاع معدل فائدة بطاقات الائتمان
كما أن أرصدة ديون بطاقات الائتمان المعلقة آخذة في الارتفاع.
لا يؤثر الارتفاع الكبير في معدلات الفائدة السنوية إلى مستويات قياسية على المستهلكين بنفس الطريقة. لا يوجد فرق بالنسبة لأولئك الذين يسددون أرصدتهم شهريًا – لا يلاحظ الكثيرون حتى زيادة الأسعار – ولكنه يصيب أولئك الذين يتأخرون في الدفع.
مايك لوريتي لديه ديون بنحو 12000 دولار على أربع بطاقات، بالإضافة إلى ديون السيارات والدراسة والديون الخاصة. يعمل الأخصائي الاجتماعي ذو الـ 24 عامًا بالمدرسة الثانوية ويعيش بالقرب من هارتفورد بكونيتيكت. ويحاول سداد قيمة البطاقة بأقل مبلغ أولاً قبل الانتقال إلى التالي فيما يعرف بطريقة كرة الثلج. تولى لوريتي وظيفة أخرى كمدرب لفريق كرة السلة للفتيات لزيادة دخله.
قال: “إنني أستخدم طريقة كرة الثلج لسداد البطاقات أولاً وسيؤدي ذلك في النهاية إلى سداد القرض الخاص”، وهو الأكبر.
ينهي المستهلكون الأمريكيون العام بارتفاع في ديون بطاقات الائتمان بمقدار حوالي 110 مليار دولار مقارنةً بالعام الماضي، وهو ما سيكون قريبًا من الرقم القياسي السنوي، وفقًا لشركة البيانات المالية الشخصية عبر الإنترنت وولت هب (WalletHub).
لا تزال الديون المتأخرة للأسر أقل بكثير من مستوياتها في نهاية عام 2019، لكنها آخذة في الارتفاع. وقد يتضح الأمر أكثر العام المقبل، حيث بتنبأ عديد من الاقتصاديين بدخول الولايات المتحدة في حالة ركود
وقالت وكالة موديز إنفستورز سيرفيس (Moody’s Investors Service) في تقرير: “نتوقع استمرار زيادة حالات التأخر في السداد، مع وصول معدلات تأخر سداد ديون بطاقات الائتمان الجديدة والسيارات إلى مستويات ما قبل الوباء في النصف الأول من العام المقبل”.
الشركات الصغيرة
ظروف اقتصادية قاسية
يتوقع الملاك ظروف عمل أفضل خلال الأشهر الستة المقبلة
في دايتون بولاية أوهايو، تود كلارا أوسترهاغ أن تزيد صالوناتها الـ 82 لتصفيف الشعر غربت كليبس (Great Clips)، وهي تعرف الأشخاص الذين يتطلعون إلى البيع.
وقالت: “لكن لا يمكنني أن أضع نفسي في مكان لأشتريها، لأن أسعار الفائدة على أي أموال نقترضها ستكون هائلة”.
يقول مات هالر الرئيس التنفيذي في إنترناشونال فرانشيز أسوشيشن (International Franchise Association) أن معدلات القروض المرتفعة ستجعل مشتري السلاسل الصغار خارج السوق.
في غضون ذلك، يطالب بعض المشترين المحتملين بأن يساعد البائعون في تمويل الصفقة، كما قال داستن زهير الذي يعمل في هورايزن بيزنس بروكرز (Horizon Business Brokers) في فيرجينيا.
وقال زهير: “نتحدث عن 50% إلى 80% من الصفقة، لأنهم على دراية وإدراك بأسعار الفائدة المتزايدة وكيف أدت إلى تقليل قوتهم الشرائية وزيادة تكلفة الصفقات”.
تسريح العمال في قطاعات الأعمال الصغيرة
ما يقرب من ضعف عدد الشركات الصغيرة الأمريكية تخفض عدد موظفيها هذا الشهر.
يقول غريغ فوينوفيتش – صاحب سلسلة مطاعم صغيرة للوجبات السريعة في منطقة يونغستاون بولاية أوهايو – أن خدمة الديون – أو مدفوعات الديون – على قرض إدارة الأعمال الصغيرة الخاص به قد ارتفع بمقدار 70 ألف دولار سنويًا، ويتوقع أن يرتفع بما لا يقل عن 15 ألف دولار أخرى. ومع مواصلة الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة. سيتعين عليه التخلي عن وظيفتين بدوام جزئي في مكتب الشركة لخفض التكاليف.
ويقول فوينوفيتش صاحب مطاعم هوت دوغ شوبي (Hot Dog Shoppe): “إذا ارتفع سعر لحم الخنزير المقدد، فإن الناس سيعرفون إذا ما رفعت الأسعار. وإذا ارتفعت أسعار الدجاج، سيفهم الناس ذلك. ولكن إذا ارتفعت خدمة الديون، فعليك نوعًا ما أن تتحمل ذلك”.
0 تعليق