من بناء أول حاسوب إلكتروني إلى الحفاظ على معقل تصميم أشباه الموصلات، كانت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة منارة لتطوير الإلكترونيات المتقدمة.

ولكن وراء صعود أميركا يقف العديد من العلماء والمهندسين الصينيين الذين ظلت مساهماتهم المهمة في الغالب في الظل.

وقد سلط جيرالد يين تشي ياو، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة أدفانسد مايكروفابريكيشن إيكوبيمنت (Advanced Micro-Fabrication Equipment Inc China AMEC) – الشركة الرائدة في صناعة معدات أشباه الموصلات في الصين – الضوء مؤخرًا على حجم هذه المساهمات.

وفي عرض قدمه في يوليو/تموز ببورصة شنغهاي وشبكة الإذاعة الوطنية الصينية، قال إنه على مدى السنوات الأربعين الماضية، خرجت العديد من آلات الحفر على أشباه الموصلات الأكثر تقدما من وادي السيليكون، مركز الابتكار التكنولوجي في الولايات المتحدة.

“عندما تنظر إلى المعدات، ومن يصنعها، تجد أن 70 إلى 80% منهم من الطلاب الصينيين”، هكذا قال يين الذي أمضى عقودًا من الزمن يعمل في الولايات المتحدة وشارك في تأسيس جمعية المهندسين الصينيين في وادي السيليكون في أواخر الثمانينيات.

وأضاف أن “80 أو 90 في المائة منهم عادوا بالفعل” إلى الصين.

في الوقت الذي تتصارع فيه الصين والولايات المتحدة من أجل الهيمنة على العلوم والتكنولوجيا الرئيسية، عزز نقل المواهب بين البلدين مجال الإلكترونيات المتقدمة.

وفي هذا المقال، تسلط الصحيفة الضوء على المبدعين المولودين في الصين الذين ساهموا في تطوير الحوسبة المتقدمة في الولايات المتحدة، والذين كان لهم تأثير عالمي.

جيفري تشوان تشو (تشو تشوانغو)

1946 – أول حاسوب إلكتروني في العالم

في عام 1946، بدأ العصر الجديد للحوسبة مع أول حاسوب إلكتروني عام في العالم، والمعروف باسم الحاسوب المتكامل الرقمي الإلكتروني (ENIAC)، والذي تم تطويره بواسطة فريق في جامعة بنسلفانيا.

وكان أحد الأعضاء الأساسيين في هذا الفريق هو جيفري تشوان تشو، الذي يعود إليه الفضل في تصميم أجزاء من البنية المنطقية للكمبيوتر.

وُلِد تشو في تيانجين عام 1919 وانتقل إلى الولايات المتحدة للالتحاق بالجامعة نتيجة للحرب العالمية الثانية. وقد فاز بجائزة رائد الكمبيوتر الأولى من معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) في عام 1981 عن هذا العمل المبكر في مجال التصميم المنطقي.

بعد عمله على الحاسوب المتكامل الرقمي الإلكتروني، عمل تشو في الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن العشرين على عدد من مشاريع الكمبيوتر المبكرة الأخرى بما في ذلك أول كمبيوتر رقمي لمختبر أرغون الوطني (AVIDAC) والكمبيوتر الأوتوماتيكي العالمي (UNIVAC)، وهو أول كمبيوتر رقمي إلكتروني مصمم للأعمال.

في نعي عام 2011، وصفته عائلته بأنه “رائد في مجال الكمبيوتر ومدافع متحمس عن التبادل الثقافي بين الولايات المتحدة والصين”.

في عام 1980، التقى تشو بدنغ شياو بينغ وتبادلا الأفكار حول الكيفية التي يمكن بها للصين أن تشرع في تحديث تكنولوجيتها وأعمالها، كما أوضح ذلك أيضًا في رسالة قبل عام واحد، وقد نفذت الصين العديد من هذه الأفكار في النهاية.

وانغ آن

1951 – تأسيس وانغ لابوراتوريز

ولد وانغ في شنغهاي عام 1920، وهاجر إلى الولايات المتحدة للدراسة في جامعة هارفارد، وحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء التطبيقية والهندسة عام 1948.

وبعد مرور عام واحد فقط، أصبح أحد أوائل المخترعين الذين تقدموا بطلب للحصول على براءة اختراع للذاكرة الأساسية المغناطيسية، وهو شكل من أشكال ذاكرة الوصول العشوائي التي أصبحت الطريقة الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر لقراءة وتخزين البيانات على مدى العقدين التاليين.

في عام 1951، أسس شركة وانغ لابوراتوريز (Wang Laboratories) في كامبريدج بولاية ماساتشوستس، وهي شركة كانت تصنع الآلات الحاسبة المكتبية وأجهزة الكمبيوتر المكتبية ــ وأصبحت منافسًا لشركة آي بي إم (IBM).

على الرغم من أن الشركة انهارت في نهاية المطاف في ثمانينيات القرن العشرين، فقد عملت كشركة كبرى في مجال التكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة ولها إرث دائم.

كما شغل تشو لفترة وجيزة منصب نائب الرئيس الأول للتسويق في أمريكا الشمالية لدى شركة وانغ لابوراتوريز (Wang Laboratories) في سبعينيات القرن العشرين.

وين تسينغ تشاو (تشو وينغون)

1956 – تم تطوير ذاكرة القراءة القابلة للبرمجة (PROM)

ولد تشاو في مقاطعة شانشي عام 1918، وحصل على درجة البكالوريوس قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 1942.

اشتهر عالم توجيه الصواريخ والكمبيوتر بتطوير ذاكرة القراءة القابلة للبرمجة (PROM) في عام 1956 أثناء عمله في شركة بوش أرما كوربوريشن (Bosch Arma Corporation) الأمريكية.

إن ذاكرة القراءة فقط القابلة للبرمجة هي نوع من شرائح الكمبيوتر للقراءة فقط والتي لا يمكن برمجتها إلا مرة واحدة لتخزين البيانات الدائمة للأجهزة.

وفي ستينيات القرن العشرين، حقق تقدمًا كبيرًا في مجال الملاحة الموجهة بالكمبيوتر، والتحقق من تنفيذ البرامج ومعادلات التوجيه لمشروع جيميني التابع لوكالة ناسا، وفقًا لتقرير كلفته لجنة 100، وهي منظمة تضم الأميركيين من أصل صيني.

وذكر التقرير أن عمله الرائد سمح بتصغير مكونات الكمبيوتر لاستخدامها في التوجيه، مما مهد الطريق لتنفيذ أجهزة الكمبيوتر الرقمية في المركبات الفضائية والصواريخ.

تشيه تانغ ساه (سا تشينغ تانغ)

1963 – اختراع أشباه الموصلات المعدنية المكملة (CMOS)

ولد تشيه تانغ ساه في بكين عام 1932، وهو شخصية رئيسية في تطوير رقائق الدوائر المتكاملة والحوسبة.

بعد حصوله على درجات علمية في الهندسة الكهربائية من جامعة إلينوي وجامعة ستانفورد، بدأ ساه العمل في شركة فيرتشايلد سيميكونداكتور في كاليفورنيا.

في عام 1963، اخترع ساه وزميله المهندس فرانك وانلاس أشباه الموصلات المعدنية المكملة (CMOS)، والذي قدماه في ورقة بحثية في مؤتمر معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات.

تُستخدم تقنية أشباه الموصلات المعدنية المكملة الآن في تصنيع الغالبية العظمى من الدوائر المتكاملة بما في ذلك شرائح الذاكرة ومعالجات الكمبيوتر، حيث إنها تُنشئ دوائر إلكترونية موثوقة منخفضة الطاقة وتساعد في تخزين إعدادات وتكوينات النظام.

أدى تطوير تقنية أشباه الموصلات المعدنية المكملة إلى تقدم الدوائر المتكاملة لاستخدامها في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التلفزيون، وذلك وفقًا لتقرير لجنة المائة.

جينسن هوانغ

1993 – شارك في تأسيس شركة إنفيديا

شارك جينسين هوانغ في تأسيس شركة تصنيع أشباه الموصلات إنفيديا (Nvidia) في عام 1993، ويشغل منصب الرئيس التنفيذي لها منذ ذلك الحين.

قامت شركة إنفيديا (Nvidia) بترويج مصطلح وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) في عام 1999 مع إصدار جي فورس GeForce 256 – والتي ادعت الشركة أنها كانت أول وحدة معالجة رسوميات في العالم – مما أدى إلى إعادة تشكيل صناعة الكمبيوتر.

ولد هوانغ في تاينان، تايوان عام 1963، وحصل على درجة في الهندسة الكهربائية من جامعة ولاية أوريغون عام 1984 قبل أن يعمل في وادي السيليكون بينما كان يدرس أيضًا للحصول على درجة الماجستير من جامعة ستانفورد.

حولت شركة إنفيديا (Nvidia) تركيزها على مر السنين نحو تطوير الرقائق الخاصة بالحوسبة القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وقال هوانغ في يناير/كانون الثاني: “إن الذكاء الاصطناعي التوليدي هو التحول الأكثر أهمية في تاريخ الحوسبة، وسوف يحول كل الصناعات، بما في ذلك الألعاب”.

وبحسب موقعها الإلكتروني، تنتج الشركة الآن بعضًا من أكثر شرائح وبرامج الذكاء الاصطناعي تقدمًا للاستخدام في العديد من الصناعات بما في ذلك الرعاية الصحية والمركبات ذاتية القيادة.

تشيمينغ كالفين هو (هو جينجمينغ)

1999 – اختراع الترانزستور ذو التأثير الميداني الزعنفي (FinFET)

يُعرف خبير الإلكترونيات الدقيقة تشينمينغ هو، المولود في بكين، بأنه “أبو الترانزستور ثلاثي الأبعاد” لاختراعه ترانزستور التأثير الميداني الزعنفي (FinFET) في عام 1999.

أصبح الترانزستور ذو التأثير الميداني الزعنفي – وهو نوع من الترانزستورات التي تتحكم في تدفق التيارات الكهربائية في الرقائق – أساسًا لتصنيع الأجهزة شبه الموصلة النانوية الإلكترونية الحديثة.

يمكن تركيب عدد قياسي من الترانزستورات على شريحة واحدة باستخدام هذا الاختراع، مما يوسع نطاق قانون مور – الملاحظة التي تقول إن عدد الترانزستورات على الشريحة يجب أن يتضاعف كل عامين – والذي كان الكثيرون يعتقدون أنه سيموت قريبًا.

سمح اختراع الترانزستور على شكل زعنفة، والذي يشغل مساحة سطحية أقل من الترانزستورات ثنائية الأبعاد، بتطوير قدرات معالجة أعلى على أجهزة أصغر حجمًا بشكل متزايد.

بعد حصوله على درجة البكالوريوس في تايبيه، أكمل المهندس الكهربائي درجة الماجستير والدكتوراه في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. شغل منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة تايوان سميكوندكتور مانوفاكتشرينغ (Taiwan Semiconductor Manufacturing Company) من عام 2001 إلى عام 2004.

في عام 2014، حصل هو على الميدالية الوطنية الأمريكية للتكنولوجيا والابتكار من الرئيس باراك أوباما آنذاك لعمله الرائد في مجال الترانزستورات.

لي في في

2006 – تطوير إميدج نت

ولد في بكين عام 1976، وهو نائب رئيس غوغل السابق والمدير المشارك الحالي لمعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المرتكز على الإنسان، وهو أحد أكبر اللاعبين في ثورة الذكاء الاصطناعي.

في عام 2006، بدأ لي في في مشروع إميج نت (ImageNet) الذي نُشر في عام 2009، وهو عبارة عن مجموعة بيانات واسعة النطاق من الصور الرقمية التي وضعت الأساس لتدريب الرؤية الحاسوبية للذكاء الاصطناعي، والتي لعبت دورًا فعالًا في تطوير أبحاث التعلم العميق.

حصلت لي على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في عام 2005، وأدارت مختبر الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد من عام 2013 إلى عام 2018، وشغلت منصب كبير العلماء في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في غوغل كلاود (Google Cloud) من عام 2017 إلى عام 2018.

يركز عملها الآن على تطوير الذكاء الاصطناعي المستوحى من المعرفة، وخاصة للاستخدام في الرعاية الصحية.

حصلت لي هذا العام على جائزة معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات الرائدة في مجال الكمبيوتر عن عملها في تطوير الرؤية الحاسوبية، وخاصة تطوير إميج نت (ImageNet).

وهي ثاني امرأة صينية المولد تحصل على هذه الجائزة – بعد أكثر من 40 عامًا من حصول جيفري تشوان تشو على جائزته.

اقرأ أيضًا: أكبر شركتين لبناء السفن في الصين تخططان للاندماج

المصدر: ساوث تشاينا مورنينغ بوس