يعلن كبار تجار التجزئة في الولايات المتحدة – مثل هوم ديبوت (Home Depot) ووولمارت (Walmart) وتارغت (Target) – عن أرباح الربع الأول المالية في الأسابيع القليلة المقبلة. يمكن أن تؤكد نتائجهم قلقًا متزايدًا، وهو أنه بعد سنوات من الإنفاق المفرط، بدأ المستهلكون الأمريكيون يفقدون قوتهم أخيرًا.

تمثل نفقات المستهلكين ما يقرب من 70% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. كان الاستهلاك بمثابة الأساس للنمو الاقتصادي السريع في السنوات الأربع الماضية، متحديًا التوقعات بأن ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة من شأنه أن يحد من شهية الأميركيين للإنفاق.

ومع ذلك، تشير المؤشرات الاقتصادية الأخيرة إلى أن الرياح المواتية التي تغذي طفرة الإنفاق ــ بما في ذلك مدفوعات التحفيز أثناء الجائحة وسوق العمل الضيق ــ بدأت تنحسر، وهو ما يؤثر سلبًا على المستهلكين.

وشهدت معنويات المستهلكين انخفاضًا تدريجيًا خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث انخفضت إلى أدنى مستوى لها في ستة أشهر في بداية شهر مايو / أيار. كما بدأ الاستهلاك الشخصي في التباطؤ، حيث نما بنسبة 2.5% في الربع الأول من عام 2024، بانخفاض من 3.3% في الربع الرابع من عام 2023، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي.

يقول دون نيسبيت، كبير مديري المحافظ في شركة إدارة الأصول إف إم إنفستمنتس (F/m Investments): “توجد بعض التشققات هناك، وأشعر بالقلق من أن المستهلك – بخلاف المستهلكين الاثرياء – قد تعرض لضغوط طفيفة هنا”.

يمكن أن تساعد الأسابيع الثلاثة المقبلة المحللين والاقتصاديين على تحديد مدى التمدد، حيث تعلن الصناعة عن نتائج ربع يناير / كانون الثاني وتشارك رؤى حول أنماط التسوق عبر التركيبة السكانية للدخل والعمر.

يتوقع المحللون أن تحقق الشركات الرائدة في الصناعة مثل وولمارت (Walmart) وتارغت (Target) وكوستكو ولسيل (Costco Wholesale) نتائج ستحظى بالترحيب من قبل المستثمرين. وبينما أخذت وول ستريت في الاعتبار تباطؤ المبيعات، فمن المحتمل أن يكون الإنفاق صحيًا بدرجة كافية في هذا الربع حتى يتمكن معظم تجار التجزئة من تلبية التوقعات.

تقول كيلي بيدرسن رئيسة قسم التجزئة في شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) في الولايات المتحدة: “معظم تجار التجزئة يسيرون على الطريق الصحيح لتحقيق هدفهم”.

وكانت نتائج الشركات التي أعلنت في وقت سابق من هذا الموسم – بما في ذلك العلامات التجارية والمطاعم الفاخرة – متباينة. تجاوزت معظمها توقعات الأرباح، على الرغم من أن نمو المبيعات كان ضعيفًا نسبيًا. قامت شركة تابستري (Tapestry)، التي تمتلك كوتش (Coach) وكيت سبيد (Kate Spade) وغيرها من العلامات التجارية الفاخرة ذات الأسعار المعقولة، بتقليص توجيه إيراداتها للسنة المالية لتعكس ضعف الطلب، في حين أن إيرادات لويس فيتون (LVMH Moët Hennessy Louis Vuitton) كانت أقل من تقديرات المحللين.

وحذرت كل من ستاربكس (Starbucks) وماكدونالدز (McDonald’s) من أن نمو المبيعات يتباطأ حيث أصبح المستهلكون أكثر وعيًا بشأن المكان الذي ينفقون فيه.

وفي حين أن النتائج المبلغ عنها مهمة، فمن المرجح أن يركز المستثمرون على التوجيهات المستقبلية – أي ما تقوله الشركات عن بقية هذه السنة المالية. إذا كان المستهلكون يتراجعون بالفعل، توقع أن تخفض المزيد من الشركات تقديراتها للعام بأكمله.

ومع ذلك، لا يتوقع أنتوني تشوكومبا محلل لوب كابيتال (Loop Capital) أن ينتشر التوجيه المنخفض على نطاق واسع. من المحتمل أن تحافظ معظم الشركات على توقعاتها الصادرة سابقًا مع اتباع نبرة حذرة.

ستقوم شركة نسبت (Nesbitt) بتحليل تعليقات الإدارة بحثًا عن أدلة حول نشاط المستهلك. ويتوقع أن ينجذب المستهلكون نحو تجار التجزئة الذين يركزون على القيمة، مثل كوستكو (Costco) ووولمارت (Walmart).

ويوافق تشوكومبا على ذلك، مشيرًا إلى أن الأسر تواصل إعطاء الأولوية للإنفاق على الاحتياجات بدلاً من الرغبات، مما قد يضغط على هوامش الربح. تميل المنتجات الاستهلاكية التقديرية، مثل السلع المنزلية والملابس، إلى تحقيق هوامش ربح أعلى من منتجات البقالة. يمكن أن يؤدي الطلب الضعيف أيضًا إلى عمليات تخفيض أسعار أكبر، حيث تتطلع الشركات إلى جذب المتسوقين بأسعار أقل.

تبدو بيدرسن أكثر تفاؤلًا. ويقول إن بعض عملاء التجزئة في شركة برايس ووترهاوس كوبرز (PwC) يرون علامات على انتعاش الإنفاق التقديري. علاوةً على ذلك، بعد أربع سنوات من التحديات التشغيلية المرتبطة بالجائحة، تعمل العديد من الشركات على تحقيق الاستقرار وتبسيط أعمالها وخفض التكاليف. ويقول إن ذلك ساعد في تحقيق النتيجة النهائية، على الرغم من أن نمو المبيعات قد يكون متوقفًا.

تعلن هوم ديبوت (Home Depot) عن نتائجها في 14 مايو / أيار، وولمارت (Walmart) في 16 مايو / أيار. وستستمع وول ستريت إلى نتائج تارغت (Target) في 22 مايو / أيار، وكوستكو (Costco) في 30 مايو / أيار.

اقرأ أيضًا: المملكة العربية السعودية تمر بنقطة تحول

المصدر: بارونز