في يوليو / تموز، أصبحت الهند مستوردًا صافيًا للصلب للمرة الرابعة في العام الماضي. وهنا تكمن قضية التعريفات الجمركية والتغيرات في أسعار الصلب والعرض والطلب. ومع ذلك، قبل مناقشة هذه القضايا، من المهم إعادة النظر في الحقائق.

كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الصلب الهندية أن البلاد أصبحت مستوردًا صافيًا للصلب لأول مرة في السنة المالية الحالية والمرة الرابعة خلال سنة تقويمية. واستوردت الدولة خلال الشهر الجاري 587 ألف طن من الصلب، فيما بلغت الصادرات 513 ألف طن. وفي الوقت نفسه، ارتفعت الواردات والصادرات بنسبة تزيد على 30%.

ويعزو المحللون هذا التناقض إلى الارتفاع الكبير في واردات الصلب بأسعار تنافسية. أتت هذه الواردات في الغالب من الصين، على الرغم من أن كوريا الجنوبية ساهمت أيضًا بكميات كبيرة. ففي يوليو / تموز، على سبيل المثال، تجاوزت الواردات الصادرات بفارق 74 ألف طن.

كان رد فعل جمعية الصلب الهندية (ISA) مزيجًا من القلق والانزعاج. وفي الواقع، تقول المنظمة الآن إنها ستناقش مسألة هذه الزيادة الحادة في الواردات مع الحكومة الهندية. وهذا يعني أنه من المرجح أن يدعو إلى اتخاذ تدابير تصحيحية لمعالجة التشوهات التجارية الواضحة.

سلط ألوك ساهاي الأمين العام لرابطة صناعات الصلب في الهند – ممثلًا لشركات تصنيع الصلب في الهند – مؤخرًا الضوء على الحاجة إلى تغييرات منهجية في السياسات. وقال لصحيفة بيزنس ستاندرد (Business Standard) إن نظام “الرسوم الأقل” السائد في الهند يفرض فترة لا تقل عن 15 شهرًا لتنفيذ أي إجراءات متعلقة بالتجارة. وهذا بدوره يجعل الهند عرضة لمثل هذه المواقف.

وأضاف ساهي أن المنظمة تخطط لإبلاغ الحكومة رسميًا بهذا القلق. وقال: “لضمان العدالة، من الضروري مواجهة الاختلالات التجارية التي تسببها الدول المصدرة بشكل فعال في الوقت المناسب”.

• انخفاض الطلب على البنية التحتية في الصين يرسل الصلب إلى أماكن أخرى

تظهر بيانات جمعية الصلب الهندية أنه خلال الفترة من أبريل / نيسان إلى يوليو / تموز من السنة المالية 2024، شهدت الهند زيادة بنسبة 63% في واردات الصلب الصينية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي الوقت نفسه، شهدت واردات الصلب من كوريا الجنوبية انخفاضًا هامشيًا بنسبة 4%. يذكر أن الجمعية تحصل على بياناتها من لجنة المصانع المشتركة (JPC)، وهي كيان مفوض من الحكومة ومسؤول عن جمع الإحصاءات حول صناعة الحديد والصلب في الهند.

وكما ذكرت ميتال ماينر (MetalMiner) خلال الأشهر القليلة الماضية، استمر الطلب على الصلب في الصين في الانخفاض بسبب التحديات في سوق العقارات. واستجابة لذلك، تواصل شركات الصلب التصدير إلى دول مثل الهند. وعلى الرغم من أن إنتاج الصلب لا يزال يشهد تباطؤًا عالميًا، فقد شهد إنتاج الصين ارتفاعًا بنسبة 2.5%، ليصل إلى 627 طنًا متريًا بين يناير / كانون الثاني ويوليو / تموز 2023.

• الرئيس التنفيذي لتاتا ستيل يتوقع ارتفاع عالمي في أسعار الصلب

في مقابلة مع هيندو بيزنس لاين (Hindu BusinessLine)، قال تي في ناريندران الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تاتا ستيل (Tata Steel) إن الانتعاش الاقتصادي الصيني بعد تخفيف قيود كوفيد – 19 كان أقل قوة مما كان متوقعًا. ومع ذلك، فإن بقية العالم، وخاصة الهند، لا تزال في طور التحسن في البنية التحتية. وأدى الجمع بين هذين العاملين إلى زيادة كبيرة في صادرات الصلب من الصين واعتدال عام في أسعار الصلب العالمية.

لكن وفقًا لناريندران، يمكن أن يتغير الوضع في النصف الأخير من السنة المالية 2024. ويرجع ذلك أساسًا إلى تخفيضات الإنتاج الوشيكة، والتي ستؤدي حتمًا إلى ارتفاع أسعار الصلب. وفي الواقع، يتوقع ناريندران أن ترتفع أسعار الصلب في حدود 600 دولار إلى 650 دولارًا للطن، وهي زيادة كبيرة عن النطاق الحالي البالغ 570 دولارًا للطن. يعزو الرئيس التنفيذي الكثير من هذا إلى الطلب الهندي المستمر على الاستثمارات والتركيز على تحسين البنية التحتية.

• التعريفات الجمركية وأسعار الصلب محل نقاش

فيما يتعلق بموضوع التعريفات، قال ساجان جيندالهاس – وهو شخصية بارزة أخرى في مجال الصلب الهندي – إنه يدعم التدخل الحكومي لموازنة التعريفات الأمريكية وضريبة الكربون في أوروبا من خلال تطبيق ضريبة مقابلة. ويشعر جندال أن هذا ضروري لتحقيق تكافؤ الفرص أمام الشركات الهندية، بما في ذلك شركته الخاصة للصلب جيه إس دبليو ستيل (JSW Steel Ltd).

وفي مقابلة مع بلومبيرغ، حث جندال الهند على إنشاء حواجز غير جمركية لمواجهة واردات الصلب المدعومة بسياسات الدولة. كما دعا إلى فرض رسوم على الصلب الصيني بسبب الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة لتلك الشركات، مما سلط الضوء على المنافسة غير العادلة الناتجة عن ذلك.

• قطاع الصلب في الهند يسعى إلى إصلاح اتفاقية التجارة الحرة

في الوقت نفسه، سألت  هندو بيزنس لاين مؤخرًا ناريندران عما إذا كانت الهند بحاجة إلى إعادة صياغة اتفاقيات التجارة الحرة بسبب زيادة واردات الصلب. ورد ناريندران بأنه غير متأكد مما إذا كان هناك أي مجال لإعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة.

ومع ذلك، أظهرت البيانات المتعلقة باتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع اليابان وكوريا أن صادراتهما إلى الهند أكبر من صادرات الهند إليهما. ويتوافق هذا مع وجهة نظر صناعة الصلب التي ترى أن الهند لم تستفد حقًا من الموافقة على مستويات التعريفة الجمركية المنخفضة بشكل ملحوظ.

يشعر كبار المسؤولين في مجال الصلب أن الهند بحاجة إلى دراسة كيفية جذب موردي الصلب المهتمين بالسوق الهندية. وفي هذه الحالة، سيكون الهدف هو جعلهم يستثمرون ويصنعون الصلب محليًا ويبيعونه داخل الهند نفسها.

اقرأ أيضًا تشاينا فانكي تؤكد أن عملية سداد السندات الدولارية “منظمة” مع انتشار مخاوف بشأن السيولة

المصدر: أويل برايس