وسط الظروف الحالية السيئة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والمخاوف من ركود محتمل، يوفر قطاع التكنولوجيا عددًا قليلاً من أماكن الاختباء للمستثمرين.
يتجنب السوق أسهم التكنولوجيا سريعة النمو والتي لا توزع أرباح والتي دفعت بالقطاع إلى الارتفاع خلال الوباء. حيث أن أسهم التجارة الإلكترونية آخذة في التدهور، لأنها مبتلاة بضعف في الطلب حاليًا؛ بسبب تراجع مشتري الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي وأزمة سلاسل التوريد وأثرها على الرقائق الإلكترونية. كل ذلك سيتسبب في انخفاض كل أسهم التكنولوجيا تقريبًا خلال العام الجاري، وسيصل الانخفاض في بعضها إلى أكثر من 50%.
الرهان على أسهم الحوسبة السحابية ما زال مقنعًا، حيث أوضحت تقارير الأرباح الأخيرة من أمازون (Amazon) ومايكروسوفت (Microsoft) وألفابيت (Alphabet) أن الطلب على خدمات الحوسبة السحابية كبير ويتوسع. ما تقدمه الخدمات السحابية من مرونة محسنة في العمل وتقليل في التكاليف يغير بشكل أساسي الطريقة التي تتعامل بها كل شركة مع الحوسبة.
في مذكرة بحثية صدرت الأسبوع الماضي، كتب المحلل في كريدي سويس (Credit Suisse)، فيل وينسلو، أن إنفاق الشركات على السحابة العامة يجب أن يتصدر نفقات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالبنية التحتية المحلية بحلول عام 2024. إنها الحوسبة السحابية، وليس البرمجيات فقط، ما يلتهم العالم. يزعم وينسلو بأن وول ستريت تقلل من إمكانات نمو خدمة الحوسبة السحابية الخاصة بمايكروسوفت “مايكروسوفت أزور” (Microsoft Azure). لذا يبدو أن ميكروسوفت (Microsoft) وأمازون (Amazon) خياران جيدان للرهان على الخدمات السحابية على المدى الطويل.
ولكن يبدو أن هناك فرصة أخرى تتعلق بالرهان على الخدمات السحابية. حيث كانت شركة أوراكل (Oracle) تقود عملائها لاعتماد الإصدارات السحابية من برامجها، بينما أطلقت أيضًا أوراكيل كلاود (Oracle Cloud)، وهي منافسة وليدة لثلاث شركات سحابة عامة. كان تقديم أوراكل (Oracle) خدمات سحابية يكتسب زخمًا، لكن المستثمرين لم ينتبهوا لذلك. واتضح فيما بعد، أن الرهان على سهم أوراكل (Oracle) كان رهانًا رابحًا في عام 2021، حيث ارتفع بأكثر من 70% بحلول منتصف ديسمبر\كانون الأول، حيث أظهرت النتائج الفصلية تقدمًا ثابتًا في استراتيجية السحابة.
ثم حدثت قفزات في الأسهم بعد ذلك. ازداد الطلب على أسهم التكنولوجيا بشكل كبير، حيث بدأت هذه القفزات مع أسهم الشركات التي حققت طفرات في استخدامها بسبب الوباء مثل شركة زوم (Zoom Video Communications) وشركة بليتون (Peloton Interactive)، وسرعان ما انتشر الطلب على باقي الأسهم في كل مكان وبالتالي حققت أوراكل (Oracle) تقدمًا. لكن المشكلة الأكبر كانت في إعلان أوراكل (Oracle) في أواخر ديسمبر عن صفقة نقدية بقيمة 28 مليار دولار لشراء سيرنر (Cerner)، وهي شركة سجلات طبية إلكترونية تخدم المستشفيات وأنظمة الرعاية الصحية.
قامت أوراكل (Oracle) بالعديد من عمليات الاستحواذ الكبيرة سابقًا مثل استحواذها على بيبول سوفت (PeopleSoft) وسيبيل (Siebel) وصن مايكرو سيستيمز (Sun Microsystems). وبرهانها على إمكانية تحويل برنامج سيرنر (Cerner) إلى خدمة سحابية (Oracle Cloud)، كانت أوراكل تستهدف تحقيق وفورات ضخمة. وبينما قالت أوراكل (Oracle) إن الصفقة ستكون دفعة فورية للأرباح، فإن الصفقة أثارت القلق بشأن مخاطر التكامل، وتطلبها من أوراكل (Oracle) تحمل ديون إضافية، وخففت ما كان خطة قوية للغاية لإعادة شراء الأسهم.
منذ بلوغه الذروة قبل إعلان صفقة سيرنر (Cerner) مباشرة، انخفض سهم أوراكل (Oracle) بنسبة 38%، وخسر نحو 100 مليار دولار من القيمة السوقية.
يقول براد زيلنيك المحلل في دويتشه بنك (Deutsche Bank) أن الاستحواذ على سيرنر (Cerner) ألقى ببعض الشك حول تحويل أوراكل (Oracle) لها إلى خدمة سحابية، التحول الذي كان السبب وراء ارتفاع الأسهم في 2021. زادت الصفقة من شكوك المشككين الذين كانوا قلقين بالفعل بشأن مدى التزام أوراكل (Oracle) السحابي.
ولكن في الأسبوع الماضي، قدمت أرباح أوراكل (Oracle) دليلاً جديدًا على أن التحول لا يزال جاريًا.
بالنسبة للربع الرابع من السنة المالية المنتهية في 31 مايو\أيار الماضي، أعلنت شركة أوراكل (Oracle) عن إيرادات قدرها 11.8 مليار دولار، في أفضل نمو ربع سنوي للشركة منذ 2011. وتجاوز هذا الرقم توجيهات الشركة وتقديرات وول ستريت.
وفي الوقت نفسه، نمت الأعمال السحابية لشركة أوراكل (Oracle) بنسبة 22% في هذا الربع، وصرحت الرئيسة التنفيذية لشركة أوراكل (Oracle)، سافرا كاتز، للمستثمرين أن نمو الإيرادات السحابية يجب أن يتسارع إلى 25% ثم إلى 28% في الربع القادم وإلى 30% أو أكثر في عام 2023.
أعلنت تيك توك (TikTok) يوم الجمعة، أنها سترسل كل حركات مرور المستخدمين في الولايات المتحدة إلى أوراكل كلاود (Oracle Cloud).
ارتفعت أسهم أوراكل (Oracle) بعد التقرير، وأغلقت بالفعل على ارتفاع خلال الأسبوع، وهو نجاح نادر في أسبوع كئيب للأسهم.
يقول زيلنيك، الذي يبقي السهم بتصنيف شراء وسعر مستهدف 110 دولارات لأسهم أوراكل (Oracle) مع عائد محتمل بنسبة 70%، إن توجيهات أوراكل (Oracle) تشير إلى استمرار نمو الإيرادات المكونة من رقم واحد للأعمال الإجمالية على أساس معدل العملة.
بينما يقر زيلنيك بأنه لا توجد شركة محصنة ضد ركود عميق، يعتقد أن ديناميكيات أخرى ستستمر في أوراكل (Oracle) في الأشهر المقبلة، مما يمهد الطريق لانتعاش السهم. ويقول زيلنيك: “إنهم يغيرون أعمالهم الخاصة، ويأخذون التكاليف من سيرنر (Cerner)”، وأن “التضخم مفيد لشركة أوراكل (Oracle) في الواقع”. ويوضح زيلنيك أن هناك زيادات مرتبطة بمؤشر التضخم مضمنة في عقود عملاء أوراكل (Oracle). وفي الوقت نفسه، فإن تكاليف التحويل مرتفعة للغاية بالنسبة لبرامج أوراكل (Oracle) بحيث لا يُظهر العملاء مقاومة كبيرة لارتفاع الأسعار.
أدى البيع في أسهم أوراكل (Oracle) إلى جعله رخيصًا وفقًا لمعظم المقاييس. عند 68 دولارًا أمريكيًا مؤخرًا، تم تداولها بأقل من 13 ضعف توقعات زيلنيك للأرباح البالغة 5.36 دولار أمريكي للسهم للسنة المالية في مايو\أيار 2023 وأقل من أربعة أضعاف توقعات إيرادات ما بعد صفقة سيرنر (Cerner) التي تقل قليلاً عن 50 مليار دولار. وفي كلا المقياسين، يكون هذا أقل من نصف تقييم مايكروسوفت (Microsoft).
إذا تم تنفيذ رؤية نمو السحابة من أوراكل (Oracle)، فيجب أن يرتد السهم وينتعش، بغض النظر عما إذا كان هناك ركود أم لا.
اقرأ أيضاً الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس لأول مرة منذ عام 1994
0 تعليق