أعلن العديد من تجار التجزئة الكبار عن أرباحهم للربع الأول من عام 2024 وتوفر الأرقام وتعليقات الإدارة نظرة ثاقبة على صحة المستهلك الأمريكي المالية. وبما أن ما يقرب من 70% من الاقتصاد يعتمد على الإنفاق الاستهلاكي فإن التغيرات في هذه الأنماط تؤثر بشكل كبير على النمو وتشغيل العمالة. وكانت النتائج متباينة ولكن هناك علامات واضحة على إرهاق الإنفاق الاستهلاكي.

تحول من المنتجات التقديرية إلى الأساسية

وولمارت (Walmart) هي أكبر شركة تجزئة في العالم ومقياسًا جيدًا للصحة الاقتصادية العامة. في حين أن الشركة تجاوزت التقديرات العليا والنهائية، حيث لاحظت وولمارت (Walmart) تحولًا في قطاعات معينة من العملاء. قال المدير المالي جون ريني في مكالمة ما بعد الأرباح مع المحللين: “إننا نشهد مشاركة أعلى عبر مجموعات الدخل مع استمرار الأسر ذات الدخل المرتفع في تمثيل غالبية مكاسب الأسهم”.

من المعروف أن وولمارت (Walmart) تجتذب المستهلكين المهتمين بالقيمة والسعر وقد لاحظت تحولًا في أنواع المنتجات التي يشترونها. وقال ريني: “لا تزال العديد من محافظ المستهلكين عميقة ونحن نرى تأثير ذلك في مزيج أعمالنا حيث أنهم ينفقون المزيد من رواتبهم على الفئات غير الإختيارية وبنسبة أقل على البضائع العامة”. يختار العملاء شراء البقالة الأساسية مقابل العناصر التقديرية مثل أجهزة التلفزيون.

تشير أرباح وولمارت (Walmart) إلى أن الإنفاق الاستهلاكي الإجمالي ثابت لكن المستهلكين ذوي الدخل الأقل المتاح يكافحون ويستمرون في البحث عن القيمة في عادات التسوق الخاصة بهم. أعلنت شركة تارغت (Target) عن أرباحها في 22 مايو/آيار وستقدم نظرة مستقبلية للنشاط من قاعدة عملائها. يحقق تارغت (Target) نسبة أعلى من الإيرادات من المنتجات التقديرية مقارنة بوولمارت (Walmart) لذا سيراقب المستثمرون نتائجه عن كثب للتأكد من أي ضعف.

أسعار الفائدة المرتفعة تسبب الألم للمستهلكين

أعلنت شركة هوم ديبوت (Home Depot) وهي أكبر شركة تجزئة لتحسين المنازل في البلاد عن انخفاض مبيعاتها للربع الثالث على التوالي حيث يعاني العملاء من ارتفاع معدلات الرهن العقاري والتضخم.

ترى هوم ديبوت (Home Depot) أن العملاء يؤجلون التعديلات المنزلية الكبرى بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. قال بيلي باستيك نائب الرئيس التنفيذي للتجارة في هوم ديبوت (Home Depot) في مكالمة هاتفية حول الأرباح: “انخفضت معاملات عدد المبيعات الكبيرة أو تلك التي تزيد عن 1000 دولار بنسبة 6.5% مقارنة بالربع الأول من العام الماضي. ما زلنا نرى مشاركة أكثر ليونة في المشاريع التقديرية الباهظة حيث يستخدم العملاء عادة القروص لتمويل خطط مثل تغيير تصميم المطبخ والحمام”.

المدير المالي لهوم ديبوت

أشار المدير المالي لهوم ديبوت ريتشارد ماكفيل أيضًا إلى تحول في أولويات ميزانية المستهلك إلى تجارب نمط الحياة مثل الإجازات والحفلات الموسيقية يتماشى هذا مع اتجاه المستهلكين إلى إنفاق أموال أقل على السلع والمزيد من الأموال على الخدمات ومع ذلك كان ماكفيل متفائلًا بشأن التوازن في عام 2024 مشيرًا إلى أن عملاء هوم ديبوت (Home Depot) في حالة جيدة من الناحية المالية. وقال في مكالمة الأرباح: “إن المستهلك – وخاصة المستهلك الذي يمتلك منزلًا وهو عميلنا – يتمتع بصحة مادية جيدة إنهم موظفون وقد شهدوا مكاسب في الدخل ومكاسب في الثروة في السنوات الأخيرة لديهم مدخرات زائدة وما زالوا يقومون بتحسين منازلهم”.

ما زال هناك طلب على المنتجات الفاخرة

يعد سوق السلع الفاخرة أحد قطاعات الإنفاق الاستهلاكي التي لم تظهر أي ضغوط بعد ورغم أن النمو الذي تجاوز 10% في المنتجات الفاخرة نتيجة للتحفيز لم يعد يحدث فإن المستهلكين الأثرياء لا يظهرون على ما يبدو نفس علامات التوتر التي تظهر على المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض.

أحد الأمثلة على ذلك هو لويس فوتون (LVMH) شهدت الشركة الرائدة عالميًا في المنتجات عالية الجودة نموًا في الإيرادات العضوية في قسم الأزياء والسلع الجلدية بنسبة 2% في الربع الأول من عام 2024 وارتفع النمو في هذا القسم بنسبة 20% في عام 2022 و14% في عام 2023 ولا تزال حقائب لويس فويتون (Louis Vuitton) تُباع ولكن ليس بنفس القدر بالنسبة للمشترين الطموحين.

تشير نتائج ريل ريل (RealReal) – وهي سوق رائد يبيع ويشتري الحقائب والمجوهرات والملابس من مصممين مثل شانيل (Chanel) وغوتشي (Gucci) ولويس فيتون (Louis Vuitton) وبرادا (Prada) – إلى تزايد الطلب على المنتجات الفاخرة المستعملة بالنسبة للربع الأول حققت شركة ريل ريل (RealReal) مبيعات وأرباحًا عند الحد الأقصى لنطاقها التوجيهي مع ملاحظة نمو بنسبة 13% في إيرادات الشحن.

يمكن أن يعزى نمو العرض والطلب على الشحنات إلى عدة عوامل قد يكون أحد الأسباب هو رغبة المشترين الطموحين المنهكين في جمع الأموال وقد يكون هناك سبب آخر يتمثل في تحول المشترين إلى سوق السلع المستعملة ذات الأسعار المنخفضة كنقطة دخول لأفضل العلامات التجارية الفاخرة.

ويشهد تجار التجزئة المستقلون الصغار الذين يخدمون المستهلكين ذوي الدخل المرتفع اتجاهات مماثلة. وبينما يجب على تجار التجزئة الكبار التنافس على الأسعار، يتنافس تجار التجزئة الصغار في مجال المنتجات الفاخرة على خدمة مخصصة للغاية ويقدمون منتجات فريدة لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر. تقول إليس أرونز المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة فرانسيس فالنتين (Frances Valentine) – وهي علامة تجارية تقدم “منتجات مبهجة ومتميزة”: “إن قسم البيع بالتجزئة لدينا يتمتع بصحة جيدة ويعمل بشكل جيد”.

وأضافت: “إن هدفنا المتمثل في إنشاء ملابس وإكسسوارات مستوحاة من الطراز القديم لمساعدة النساء على الشعور بمزيد من الثقة في أسلوبهن الشخصي قد أدى إلى تنمية الولاء للعلامة التجارية بين عملائنا”.

منذ نهاية جائحة كوفيد 19 أصبح المستهلكون في المتجر حريصين على التدليل ويبحثون عن مشورة الخبراء بشأن الأسلوب والملاءمة لا يزال تجار التجزئة الذين يقدمون منتجات متخصصة أو تجارب شخصية يبيعون أحد التحديات التي تواجهها العلامات التجارية واسعة النطاق هو الارتفاع الكبير في عدد المنتجات التي تغمر السوق، يجب على العلامات التجارية التقليدية إعادة النظر في عروض القيمة الخاصة بها والتكيف مع توقعات المستهلكين المتطورة من أجل المنافسة.

توفر الأرباح والتوقعات المستقبلية لقطاع التجزئة أسبابًا تجعل المستثمرين متفائلين مع وجود ملاحظات مثيرة للقلق. إن مبيعات التجزئة بشكل عام مستقرة ولكن تظهر علامات التوتر بين المستهلكين ذوي الدخل التقديري الأقل وانخفضت المدخرات الفائضة وأدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى إعاقة الإنفاق. صورة التوظيف هي مفتاح الطلب في المستقبل. وما دام الناس لا يزال لديهم وظائف ويشعرون بالأمان في هذه الوظائف فمن المرجح أن يستمروا في الإنفاق والحفاظ على النمو الاقتصادي ولسوء الحظ يشير تقرير التوظيف الأخير إلى أن سوق العمل بدأ في التصدع وقد يكون تجار التجزئة أول من يشعر بذلك.

اقرأ أيضًا: رولز رويس واثقة من توقعات عام 2024

المصدر: فوربس