اختار الاحتياطي الفيدرالي الاستمرار في مكافحة ارتفاع الأسعار وأعلن عن زيادة أخرى في أسعار الفائدة، في ظل مرور البلاد بأسوأ أزمة مصرفية منذ عام 2008 وأعلى معدل تضخم في جيل واحد.

أعلن البنك المركزي الأمريكي يوم الأربعاء أن سعر الفائدة القياسي سيرتفع ربع نقطة مئوية أخرى إلى نطاق من 4.75% إلى 5%، وهو الارتفاع التاسع على التوالي لأسعار الفائدة وأعلى معدل منذ 2007. قبل عام كانت أسعار الفائدة قريبة من صفر.

كانت الزيادة الأخيرة أقل من الزيادة البالغة نصف نقطة التي توقعها البعض قبل سلسلة من الانهيارات المصرفية التي هزت الأسواق العالمية.

قال الاحتياطي الفيدرالي في بيان أن تأثير الأزمة المصرفية “غير مؤكد” لكن التضخم “لا يزال مرتفعًا”.

وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد فكر في إيقاف أسعار الفائدة في الأيام التي سبقت القرار، لكنه خلص إلى أن الأزمة المصرفية كانت تحت السيطرة، وأن هناك حاجة إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة لخفض التضخم.

وأضاف: “نحن ملتزمون باستعادة استقرار الأسعار وكل الأدلة تقول أن الجمهور لديه ثقة في أننا سنفعل ذلك. من المهم أن نحافظ على هذه الثقة من خلال أفعالنا وكذلك بكلماتنا”.

ارتبط انهيار بنك سيليكون فالي (Silicon Valley Bank SVB) في وقت سابق من هذا الشهر جزئيًا بتحركات أسعار الفائدة الأخيرة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، حيث ضخ بنك سيليكون فالي (SVB) الودائع في الأوراق المالية طويلة الأجل التي انخفضت قيمتها مع ارتفاع أسعار الفائدة. أثارت هذه الخسائر فزع المودعين وأدت إلى خروج الودائع من البنك.

وصف باول بنك سيليكون فالي (SVB) بأنه حالة “شاذة” فشلت فشلاً ذريعاً. وقال أن النظام المصرفي الأمريكي ظل قوياً لكن “من الواضح أن هناك حاجة إلى تعزيز الرقابة والتنظيم” على حد تعبيره.

لا يزال التضخم مشكلة عالمية، حيث بلغ معدل التضخم في المملكة المتحدة معدل سنوي قدره 10.4% الشهر الماضي. ومن المتوقع أن يرفع بنك إنجلترا أسعار الفائدة غدًا في محاولة لكبح الأسعار. كما رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية الأسبوع الماضي، حتى في الوقت الذي هزت فيه الأزمة المصرفية كريدي سويس (Credit Suisse) ثاني أكبر بنك في سويسرا. وقال البنك المركزي الأوروبي أن التضخم في منطقة اليورو يبلغ في المتوسط ​​8.5%، ومن المرجح أن يظل مرتفعًا “لفترة طويلة جدًا” في حالة توقف الارتفاعات.

أكد باول أن كبح جماح التضخم هو الأولوية القصوى للاحتياطي الفيدرالي. لقد كانت الأسعار أعلى بنسبة 6% في فبراير / شباط مما كانت عليه قبل عام، وهي أقل بشكل ملحوظ من معدل التضخم السنوي 9.1% المسجل في يونيو / حزيران الماضي، ولكن ما زال هذا المعدل بعيدًا عن هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.

قبل انهيار بنك سيليكون فالي (SVB)، قال باول أمام لجنة مصرفية بمجلس الشيوخ: “على الرغم من أن التضخم كان معتدلاً في الأشهر الأخيرة، فإن عملية إعادة التضخم إلى 2% لا يزال أمامها طريق طويل ومن المرجح أن يكون وعرًا”.

بعد شهادة باول، تكهن المحللون بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة بمقدار 0.5 نقطة مئوية أخرى بعد اجتماعه في مارس / آذار. لكن هذه الحسابات أفسدتها الأزمة المصرفية.

بعد انهيار بنك سيليكون فالي (SVB)، واجه سيغنتشر بنك (Signature Bank) في نيويورك أزمة مماثلة، بعد أن سحب المودعون القلقون أموالهم. توسطت السلطات السويسرية نهاية الأسبوع الماضي في صفقة لبيع كريدي سويس (Credit Suisse) المتعثر إلى منافسه يو بي إس (UBS). كما اضطرت أكبر البنوك في وول ستريت إلى التدخل لدعم بنك فيرست ريبابليك (First Republic)، وهو بنك أمريكي متوسط ​​الحجم آخر شهد انهيارًا في سعر سهمه مع فرار المودعين.

ألمح البيان الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى أن سلسلة الارتفاعات السريعة في أسعار الفائدة قد توشك على الانتهاء، حيث أسقط المسؤولون عبارة استخدمت في بياناتهم الثمانية السابقة، والتي قالت أن اللجنة توقعت أن تكون “الزيادات المستمرة” في المعدلات ستكون مناسبة واستبدلتها بعبارة: “تتوقع اللجنة أن بعض السياسات الإضافية قد تكون مناسبة”.

إن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، والذي جاء بعد أن اتخذ البنك المركزي الأوروبي القرار نفسه، يزيد من احتمالات أن يتخذ بنك إنجلترا نفس القرار يوم الخميس.

اقرأ أيضًا الولايات المتحدة تسعى إلى منع الصين من الاستفادة من حزم تمويل الرقائق

المصدر: ذا غارديان