تقوم شركات الاتصالات في أوروبا مؤخرًا بعمليات اندماج واستحواذ شبيهة بما حدث في عام 1999. لكن هذا لن يعيد أسهمها المتعثرة إلى الازدهار، لكنه قد يرفع قيمة شركات معينة.

في غضون الأشهر القليلة الماضية، وافقت سويسكوم (Swisscom) على شراء أعمال فودافون (Vodafone) في إيطاليا مقابل ثمانية مليارات يورو (8.7 مليار دولار)، كما دمجت شركة أورانج (Orange) الفرنسية عملياتها الإسبانية مع المشغل المحلي ماسموفيل (Masmovil) بتقييم قدره 19 مليار يورو، وباعت شركة تيليكوم إيطاليا (Telecom Italia) أصولها في الخطوط الثابتة إلى شركة الأسهم الخاصة العملاقة كيه كيه آر (KKR) مقابل 22 مليار يورو.

تحاول الشركات تعزيز طريقها للخروج من المنافسة المدمرة. لقد تباطأ النمو في خدماتها الخلوية وخدمات النطاق العريض الأساسية إلى حد الزحف، في حين أن العديد من اللاعبين – من وجهة نظر الصناعة – يبقون الأسعار منخفضة.

وخلص مستشارو شركة ديلويت (Deloitte) في تقرير حديث إلى أن “السعة الفائضة تجعل الاتصال سلعة، ولم يعد العملاء يهتمون”.

ارتفعت الديون الناتجة عن بناء شبكات الجيل الخامس مع ارتفاع أسعار الفائدة. إن حصص الدولة المتبقية في الاحتكارات السابقة تعمل على تقييد خفض التكاليف، حيث ترغب الحكومات في الحفاظ على تشغيل العمالة.

وتعكس الأسهم هذه الكوارث المتزامنة. يقول خافيير كوريونيرو محلل الأسهم الذي يغطي قطاع الاتصالات في مورنينغ ستار (Morningstar): “كانت العوائد على معظم هذه الشركات سلبية على مدى الأعوام العشرة الماضية”.

إن البيئة المناسبة لصانعي صفقات الاتصالات هي بوجود من “أربعة إلى ثلاثة” منافسين. إن وجود ثلاثة منافسين في سوق وطنية معينة يوفر فرصة عادلة لتحقيق الربحية؛ أما وجود أربع منافسين فلن يوفر مثل هذه الفرصة.

ومع ذلك، يميل المنظمون إلى حب المنافسة. وحتى عندما تسمح بعمليات الاندماج، فإنها تتخذ خطوات لجلب وافدين جدد إلى السوق. قامت السلطات الإسبانية بتطهير العلاقة بين أورانج (Orange) وماسموفيل (Masmovil) بشرط أن تقوم ماسموفيل (Masmovil) بتسليم الطيف لشركة ديغي كميونكشنز (Digi Communications)، وهي شركة خارجية مقرها في رومانيا.

ومع ذلك، يقول كوريونيرو إن شركات الاتصالات الأوروبية ليست كلها متأثرة بنفس الدرجة. هناك عدد قليل من الأسواق الصغيرة التي تقدم منافسة ثلاثية أقل تدميرًا. وتشمل هذه البلدان هولندا، حيث يحب شركة كيه بي إن (KPN) الرائدة في السوق، والسويد، حيث يفضل شركة تيلة 2 (Tele2). كما أنه متفائل بشأن شركة دويتشه تيليكوم (Deutsche Telekom)، التي تحتفظ بولاء استثنائي لعلامتها التجارية في موطنها الأصلي ألمانيا، في حين تكتسب وحدتها تي موبيل (T-Mobile) حصة سوقية في الولايات المتحدة.

ويرى فابيو كالداتو مدير محفظة الأسهم في شركة أكوم ايه (AcomeA) اتجاهات إيجابية أوسع في شركات الاتصالات الأوروبية. ومن المتوقع أن تتراجع النفقات الرأسمالية مع اقتراب الانتهاء من بناء شبكات الجيل الخامس، كما أن الانخفاض المتوقع في أسعار الفائدة سيخفف من أعباء الديون. وتعود قوة التسعير الكافية لمواكبة التضخم على الأقل.

من بين أفضل اختيارات كالداتو هي مجموعة بي تي غروب (BT Group) التي كانت تحتكر المملكة المتحدة سابقًا، والتي أخبرت المستثمرين أنها تستطيع خفض النفقات الرأسمالية بنسبة 35%، مما يضاعف التدفق النقدي الحر. كما أنه يشير إلى شركة تيلكوم إيطاليا (Telecom Italia) باعتبارها شركة ذات قيمة كبيرة بمجرد تفريغ الديون. فقدت الأسهم نصف قيمتها خلال السنوات الخمس الماضية.

إن الوكيل الرئيسي للعمليات في ساحة الاتصالات الأوروبية هي مارغريتا ديلا فالي، وهي إيطالية تولت منصب الرئيس التنفيذي لشركة فودافون (Vodafone) التي يقع مقرها في المملكة المتحدة العام الماضي. وهي تتطلع إلى الخروج من كل من إسبانيا وإيطاليا، في حين تدفع عملية اندماج من أربعة إلى ثلاثة في السوق المحلية مع شركة سي كيه هوتشيسون هولدينغز (CK Hutchison Holdings) (صاحبة اسم العلامة التجارية ثري (Three)).

ربما يكون لدى هيئة المنافسة والأسواق في لندن أفكار أخرى. لقد قالت في تقرير أولي إن هذا المزيج “قد يؤدي إلى مواجهة عملاء الهاتف المحمول أسعارًا أعلى وانخفاض في الجودة”. كالداتو يعطي ديلا فالي درجة عالية للجهد رغم ذلك. ويقول: “تركز فودافون أخيرًا على الكفاءة، وليس على الإفراط في الاستحواذ”.

انخفضت أسهم فودافون (Vodafone) بنسبة 20% أخرى منذ أن تولت ديلا فالي زمام الأمور في أبريل / نيسان الماضي.

اقرأ أيضًا: الدول الأكثر استقرارًا في أفريقيا

المصدر: بارونز