اختر صفحة

أبرز الأحداث المالية والاقتصادية في 2022

الصفحة الرئيسية » الاقتصاد » أبرز الأحداث المالية والاقتصادية في 2022

مع اقتراب العام من نهايته، يلقي القلق بشأن الركود في العام الجديد بثقله على أسهم النمو، مما يزيد من الحالة المزاجية القاسية.

ومع اقترابنا من العام الجديد، إليك نظرة إلى الوراء على ما حدث في عام 2022.

الربع الأول: عودة التقلبات

يناير

على عكس عام 2021 الذي كان هادئًا بعد تقلبات الوباء، بدأ هذا العام بنوبة جديدة من تقلبات السوق. لقد حقق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) أسوأ شهر له في يناير / كانون الثاني منذ بداية الوباء في عام 2020. وتراجع مؤشر داو جونز (Dow Jones) 3.2% بعد أن وصل إلى مستوى قياسي في الأسبوع الأول من نفس الشهر. وقد تلقت أسهم شركات التكنولوجيا العبء الأكبر من الانكماش.

في منتصف الشهر، فاجأت مايكروسوفت (Microsoft) السوق بإعلانها عن صفقة بقيمة 68.7 مليار دولار لمطور الألعاب أكتيفيشن بيلزارد (Activision Blizzard)، وهي خطوة من شأنها توسيع مكتبة الألعاب الخاصة بها. أحدثت هذه الخطوة بعض التقلبات لأن شركة بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway) أعلنت شرائها لأسهم أكتفيشن بيلزارد (Activision Blizzard) في ذلك الربع، كخطوة مرجحة للاندماج. ولكن في النهاية، ستتدخل لجنة التجارة الفيدرالية لمنع الصفقة على أساس المنافسة.

في نفس الشهر، بدأت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سوف يسرع مسار التشدد المالي لهذا العام بالتزايد، بعد أن قدر المتنبئون في البداية ثلاث زيادات في أسعار الفائدة ثم رفعوا توقعاتهم إلى خمسة. كان الاحتياطي الفيدرالي أيضًا يتوقع أنه سيحتاج إلى تطبيق ثلاث زيادات على أسعار الفائدة في عام 2022.

بحلول نهاية الشهر، كان الاحتياطي الفيدرالي يشير إلى أنه سيبدأ في رفع أسعار الفائدة في اجتماعه في مارس / آذار.

فبراير

واصلت الأسهم الضغط في ظل توقعات رفع أسعار الفائدة الفيدرالية ومخاوف التضخم. انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P) بنسبة 3% لشهر فبراير / شباط، موسعًا خسائره حتى ذلك الحين من العام إلى 8%، ليدخل منطقة التصحيح للمرة الأولى منذ بداية الوباء. في الوقت نفسه، تراجع مؤشر داو جونز (Dow Jones) بنسبة 3.3% للشهر وتراجع مؤشر ناسداك (Nasdaq) بنفس القدر تقريبًا. بحلول نهاية الشهر، انخفض مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا (Nasdaq) بنسبة 12% عن العام.

حيث كان التضخم هو السبب الأول لهذه التراجعات. كان التضخم الرئيسي في يناير / كانون الثاني هو الأعلى منذ منتصف عام 1982 على أساس سنوي.

كانت أسهم قطاع الطاقة هي الأقوى خلال الشهرين الأولين من عام 2022، ثم بدأت روسيا حربها على أوكرانيا المجاورة في أواخر فبراير / شباط، مما أدى في النهاية إلى ارتفاع أسعار النفط والبنزين إلى أعلى مستوياتها في عدة سنوات إلى جانب السلع الغذائية مثل الحبوب. أدت الحرب إلى تفاقم المخاوف بشأن التضخم وأطلقت هزة إضافية من التقلبات في أسواق الأسهم، حيث ارتفع ما يسمى بـ “مؤشر الخوف” في وول ستريت – وهو مؤشر التقلبات فيكس (CBOE VIX) – بنسبة 21% أخرى بعد ارتفاعه بنسبة 44% في يناير / كانون الثاني.

على الرغم من إطلاق البيت الأبيض للقاحات والعلاجات ومجموعات الاختبار، سجلت الولايات المتحدة مستوى قياسي في الوفيات من وباء كوفيد في فبراير / شباط، حيث تجاوزت 900,000 حالة وفاة تراكمية من المرض.

مارس

عكست الأسهم مسارها في مارس / آذار، حيث انتعش مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P) بنسبة 3.7%، بينما ارتفع مؤشر داو جونز (Dow Jones) بنسبة 2.5%، وارتفع مؤشر ناسداك بنسبة 3.5%. ومع ذلك، كان الضرر قد حدث للربع حيث انتهى مع انخفاض ستاندرد آند بورز 500 (S&P) وداو جونز (Dow Jones) بأكثر من 4% لكل منهما، بينما انخفض مؤشر ناسداك (Nasdaq) بنسبة 9%، ليسجل أضعف ربع له منذ الربع الأول من عام 2020.

زاد الضغط على إدارة بايدن مع اشتعال الحرب الروسية في أوكرانيا وتصاعد المخاوف بشأن التضخم، لذلك أعلن البيت الأبيض عن خطة للإفراج عن مليون برميل يوميًا من احتياطي البترول الاستراتيجي للأشهر الستة المقبلة، وهو أكبر إطلاق من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة. كان الهدف هو تخفيف الضغط على إمدادات النفط وخفض أسعار البنزين في نهاية المطاف في محطات الوقود، لكن كلاهما سيستمر في الارتفاع حتى الصيف. كما أعلن البيت الأبيض عن حظر استيراد النفط الروسي والغاز الطبيعي المسال.

شهد هذا الشهر والربع أيضًا أول زيادة لمعدلات الفائدة الخاصة ببنك الاحتياطي الفيدرالي منذ أكثر من ثلاث سنوات، ليبدأ معركته ضد التضخم المرتفع. بعد أن ظل سعر الفائدة القياسي قريبًا من الصفر أثناء التحفيز الحكومي الكبير خلال الوباء، فعل بنك الاحتياطي الفيدرالي ما وعد به ورفع أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة. كان هذا هو أول ارتفاع في الأسعار خلال العام.

الربع الثاني: عمليات بيع حادة

أبريل

شهدت أسواق الأسهم الأمريكية عمليات بيع حادة، مع تركيز المستثمرين على التضخم واستجابة الاحتياطي الفيدرالي له.

بلغ معدل التضخم السنوي 8.5% وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر / كانون الأول 1981، مدفوعًا بارتفاع أسعار الوقود. دفع هذا الاحتياطي الفيدرالي إلى الإشارة إلى أنه سيرفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في مايو / أيار.

كان الضعف منتشرًا على نطاق واسع، لكن مؤشر ناسداك (Nasdaq) كان الأكثر تضررًا. كان نتفليكس (Netflix) هو المؤثر الرئيسي، حيث انخفض بشكل حاد بعد الإعلان عن خسارة صافية للمشتركين في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وهو أول انخفاض ربع سنوي في مستخدمي المنصة منذ عام 2007.

وافق الملياردير إيلون ماسك في ذاك الشهر على شراء شركة التواصل الاجتماعي تويتر (Twitter) مقابل 44 مليار دولار، على الرغم من أن الأمر استغرق شهورًا من الجدل القانوني قبل إتمام الصفقة في النهاية.

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث توقعت الأسواق ارتفاعات كبيرة في أسعار الفائدة، مع ارتفاع معدل الفائدة لمدة 20 عامًا إلى 3% للمرة الأولى منذ مارس / آذار 2019، في حين أظهرت البيانات أن الاقتصاد الأمريكي انكمش في الربع الأول للمرة الأولى منذ الربع الثاني من عام 2020.

كما انخفضت أسعار النفط الخام إلى ما دون 100 دولار للبرميل بعد أن وافقت الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية على الاستفادة من احتياطاتها الطارئة، في حين ارتفعت أسعار الغاز بعد أن أوقفت شركة غازبروم (Gazprom) الروسية شحناتها إلى بولندا وبلغاريا، في خطوة وصفها الاتحاد الأوروبي بأنها “ابتزازية”.

في الأخبار، أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسًا لفرنسا، وتجاوز عدد حالات الإصابة المؤكدة بكوفيد 19 500 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، بينما تركزت الحرب في أوكرانيا حول منطقة دونباس بعد انسحاب القوات الروسية من العاصمة الأوكرانية كييف.

مايو

استمرت عمليات بيع الأسهم في الأسابيع الثلاثة الأولى من مايو / أيار، حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) إلى منطقة سوق دب، قبل أن يرتفع مرة أخرى حتى نهاية الشهر دون تغيير كبير. ظلت رواية تجنب المخاطرة كما هي، مع تركز المخاوف على التضخم والتشديد النقدي وفيروس كورونا المستجد، فضلاً عن الحرب المستمرة في أوكرانيا.

حافظ الاحتياطي الفيدرالي على وعده وزاد أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، في أكبر ارتفاع منذ عام 2000، وأشار إلى أن مزيد من الزيادات ستتبع هذه الزيادة.

وجدت أسواق الدخل الثابت في الولايات المتحدة الدعم في أعقاب الارتفاع الحاد الأخير في العائدات خلال الأشهر الأخيرة، لكن العوائد ارتفعت في أوروبا بعد أن وصل معدل التضخم في منطقة اليورو إلى مستوى قياسي بلغ 8.1%.

ارتفعت أسعار النفط، حيث تجاوز خام غرب تكساس الوسيط 115 دولارًا للبرميل بعد أن اقترح الاتحاد الأوروبي حظر جميع واردات الخام من روسيا بحلول نهاية العام كعقاب على عدوان موسكو في أوكرانيا.

أدى ذلك إلى ارتفاع جالون البنزين العادي في الولايات المتحدة إلى أعلى متوسط ​​سعر مسجل على الإطلاق.

في الأخبار، تجاوزت الوفيات المؤكدة الناجمة عن كوفيد 19 مليون شخص في الولايات المتحدة، وتقدمت السويد وفنلندا بطلب للانضمام إلى الناتو، واستولت روسيا على مدينة ماريوبول الأوكرانية بعد فترة من القتال العنيف.

يونيو

كان الموضوع المهيمن لشهر يونيو / حزيران هو تشديد السياسة النقدية، حيث اتخذت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم خطوات لمكافحة التضخم المتفشي.

رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس بعد ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في 40 عامًا، وهي أكبر زيادة له منذ 28 عامًا. وقد أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من الزيادات في المستقبل. رفعت البنوك المركزية في كندا وأستراليا والنرويج والسويد – التي قامت بذلك للمرة الأولى منذ 15 عامًا – أسعار الفائدة أيضًا. رفع بنك إنجلترا الأسعار بمقدار 25 نقطة أساس، في حين أنهى البنك المركزي الأوروبي برنامج التسهيل الكمي وأشار إلى أنه سيرفع أسعار الفائدة في يوليو / تموز.

كان الاستثناء الملحوظ هو بنك اليابان، الذي اختار الحفاظ على سياسته النقدية التيسيرية للغاية، مما أدى إلى انخفاض الين إلى أضعف مستوى له منذ عام 1998.

ارتفعت معظم عائدات السندات السيادية العالمية، حيث أصبح من الواضح أنه يجب أن تكون هناك وتيرة قوية لرفع أسعار الفائدة لمواجهة تهديد التضخم، في حين تراجعت الأسهم، مما أرسل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500) إلى منطقة سوق الدب.

في أسواق السلع، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بعد أن خفضت شركة غازبروم (Gazprom) الروسية إمدادات الغاز من نورد ستريم 1 إلى ألمانيا، مما هدد المنطقة بنقص الطاقة واحتمال انقطاع التيار الكهربائي.

في الأخبار، تم اتهام خمسة أعضاء من مجموعة براود بويز (Proud Boys) اليمينية المتطرفة بتورطهم في هجوم العام الماضي على مبنى الكابيتول، ونجا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من تصويت على ثقة الحزب عقب فضيحة بارتي غيت، ومنح الاتحاد الأوروبي رسميًا أوكرانيا وضع المرشح للانضمام للاتحاد.

الربع الثالث: الركود

يوليو

انكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنسبة 0.9% في الربع الثاني، مما وضع الاقتصاد رقم واحد في العالم فيما يسمى بـ “الركود التقني”. ومع ذلك، فإن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية – الهيئة المكلفة بالإعلان رسميًا عن الانكماش – ابتعد عن استخدام المصطلح.

استمر التضخم العالمي في التزايد، مما أدى إلى سعي البنوك المركزية لقمع نمو الأسعار. لكن احتدم الجدل حول مدى التأثير الذي يمكن أن يتمتع به صانعو السياسة في نهاية المطاف، بسبب بعض الدوافع الرئيسية للقفزة الأخيرة في التضخم: وهي قيود سلسلة التوريد وارتفاع أسعار الطاقة.

رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس زيادة غير مسبوقة للشهر الثاني على التوالي، لكن الرئيس جيروم باول أشار إلى أن تباطؤ وتيرة الزيادات قد يكون ضروريًا للمضي قدمًا. ومع ذلك، فإن هذا التيسير (الجزئي) لم يتحقق حتى ديسمبر / كانون الأول الجاري.

واجه البنك المركزي الأوروبي مشكلات مماثلة، لا سيما المشكلات الناجمة عن أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق على الاقتصاد الألماني الذي يعد الأكبر في منطقة اليورو. كان رد البنك المركزي الأوروبي هو رفع تكاليف الاقتراض، منهياً توجه استمر تسع سنوات تبنى فيه أسعار فائدة رسمية سلبية.

أما في أسواق العملات، فقد أدت المخاوف من توجه أوروبا نحو ركود عميق إلى انخفاض اليورو إلى ما دون التكافؤ مع ارتفاع سريع للدولار الأمريكي للمرة الأولى منذ ما يقرب من عقدين.

ازداد الأمر تعقيدًا بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي عندما استقال ماريو دراغي من منصب رئيس الوزراء في إيطاليا. أدى القرار فعليًا إلى انتهاء فترة من الهدوء النسبي في ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا ممهدًا الطريق للانتخابات البرلمانية في سبتمبر / أيلول. وأصيبت أسواق السندات والأوراق المالية في إيطاليا بالركود.

في المملكة المتحدة، كانت الفضيحة الأخلاقية أكثر مما يتحمل بوريس جونسون، الذي استقال من منصب رئيس الوزراء بسبب جدل يتعلق بتعيينه لسياسي متهم بسوء السلوك الجنسي.

بدأت الشركات في الإعلان عن نتائج الربع الثاني، حيث كافحت العديد من الشركات لمواكبة نمو الأرباح الاستثنائي الذي شهدته في صيف عام 2021.

وضعت إجراءات السياسة النقدية المتشددة ضغطًا إضافيًا على سوق العملات المشفرة المتقلب عادةً، والذي شهد توجه العديد من الأطراف في الصناعة إلى إجراء عمليات سحب بسبب المستثمرين اليائسين. ومع ذلك، لا زالت عملة البيتكوين (Bitcoin) قادرة على الارتفاع مرة أخرى فوق 22,000 دولار على أمل أن يوقف الاحتياطي الفيدرالي الارتفاعات الكبيرة في أسعار الفائدة.

أغلقت الأسهم الأمريكية في يوليو / تموز على ارتفاع مع الأسهم في أوروبا واليابان. بينما كانت الصين متراجعة، حيث استمرت في تبني قيود كوفيد الصارمة على الرغم من تأثيرها المحتمل على الاقتصاد ككل.

أغسطس

أمل المستثمرون في أغسطس / آب أن يبطئ الاحتياطي الفيدرالي وتيرة رفع أسعار الفائدة. في النصف الأول من الشهر، انتعشت المؤشرات الرئيسية بفضل هذا الشعور.

ولكن مع مرور الشهر، ازدادت المخاوف بشأن عمليات الإغلاق المستمرة في الصين والتأثيرات غير المباشرة التي يمكن أن تحدث على سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن تخفيضات توقعات الأرباح.

بعد ذلك، أشار باول في خطاب في جاكسون هول إلى أن السياسة ستظل مشددة “لبعض الوقت”، وستؤدي حتما إلى “بعض الألم” للأسر والشركات.

تراجعت الأسهم – التي كانت قد انزلقت بالفعل من ذروة منتصف الشهر – مع انكماش الأسهم الأمريكية وأسهم منطقة اليورو في أغسطس / آب. بينما تضررت شركات التكنولوجيا التي كانت المستفيد الأكبر من عصر تكاليف الاقتراض المنخفضة بشدة، حيث تراجعت أسهم شركات كبيرة مثل تسلا (Tesla) ومايكروسوفت (Microsoft) وأمازون (Amazon) وألفابت (Alphabet) الشركة الأم لغوغل (Google) بنسبة تزيد عن 6%.

لكن أسهم مجموعات التكنولوجيا في الصين ارتفعت في أواخر أغسطس / آب، مدفوعة باتفاق بين واشنطن وبكين يمنح المنظمين الأمريكيين إمكانية الوصول إلى عمليات تدقيق الشركات الصينية المدرجة في البورصات الأمريكية.

على صعيد آخر، أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا إلى أعلى مستوى له على الإطلاق مع تصاعد المخاوف بشأن الإمدادات الروسية المتناقصة. تراجعت أسعار الطاقة في المنطقة لاحقًا مع اقتراب الشهر من نهايته عقب تقارير تفيد بأن الاتحاد الأوروبي يستعد للكشف عن تدابير طارئة تهدف إلى فصل تكاليف الكهرباء عن الغاز.

لكن تداعيات أزمة الطاقة التي تلوح في الأفق كانت واضحة، حيث قفز معدل التضخم في منطقة اليورو إلى مستوى قياسي جديد ليصل إلى 9.1%.

ردد صانعو السياسة في البنك المركزي الأوروبي خطاب باول جاكسون هول، ملمحين إلى أن الزيادة الأكبر في أسعار الفائدة في سبتمبر / أيلول ستكون ضرورية لتهدئة التضخم، حتى لو أدى ذلك إلى أزمة اقتصادية أكبر.

سبتمبر

شهدت وول ستريت أسوأ شهر لها منذ الأيام الأولى للوباء، حيث أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى تعزيز التوقعات بزيادات غير مسبوقة في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم.

رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس للاجتماع الثالث على التوالي واقترح أن تظل أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول. وقال باول أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الارتفاعات ستؤدي إلى ركود، أو “إذا كان الأمر كذلك، فما مدى أثر هذا الركود”.

كما قام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، مما رفع سعر الفائدة القياسي على الودائع إلى أعلى مستوى له منذ 2011. وأشارت الرئيسة كريستين لاغارد إلى أن هناك عديد من الزيادات الأخرى قادمة.

ظل معدل التضخم في منطقة اليورو مرتفعًا، حيث لامس رقماً قياسياً جديداً بنسبة 10% في سبتمبر / أيلول. وجاء ذلك على الرغم من إنفاق الحكومات في أوروبا مئات المليارات من اليورو في محاولة لحماية المستهلكين والشركات من ارتفاع أسعار الطاقة التي قفزت خلال الشهر.

وافقت مجموعة الدول السبع الكبرى على وضع سقف لأسعار النفط الروسي اعتبارًا من أوائل ديسمبر / كانون الأول. وقال مسؤولون أنهم يأملون في الحد من مصدر رئيسي للإيرادات الروسية يمكن أن تستخدمه موسكو لتمويل الحرب.

في ظل البيئة التضخمية المرتفعة، بلغت عائدات السندات مستويات عالية لم تشهد منذ عقد من الزمان. زادت أسعار السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى أقل قليلاً من 4% مقارنةً بـ 3.1% في بداية الشهر، بينما تجاوزت السندات الألمانية لأجل 10 سنوات – وهي معيار رئيسي للديون الأوروبية – 3.1% للمرة الأولى منذ 2012.

إضافة إلى الصورة القاتمة للدخل الثابت في أوروبا، حصلت كتلة يمينية بقيادة جيورجيا ميلوني على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية في البلاد. قالت ميلوني أثناء حملتها الانتخابية أنها ستلتزم بالسياسات الاقتصادية التي يطلبها الاتحاد الأوروبي لإطلاق عشرات المليارات من اليورو كمساعدات ما بعد الوباء اللازمة لإعادة بناء الاقتصاد الوطني. تراجعت السندات الإيطالية بعد نتيجة الانتخابات، في حين ارتفعت الأسهم في البلاد.

خارج منطقة اليورو، تم تعيين ليز تروس كرئيسة وزراء جديدة للمملكة المتحدة بعد فوزها في انتخابات رئاسة حزب المحافظين.

منذ البداية، كانت فترة ولاية تراس غارقة في الجدل. لقد أدى كشف النقاب عما يسمى بـ “الميزانية المصغرة” لحكومتها – والتي تضمنت حزمة من إعانات الطاقة والتخفيضات الضريبية غير الممولة – إلى انخفاض السندات السيادية في المملكة المتحدة وهبوط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عام 1985. اضطر بنك إنجلترا للتدخل بعد أيام لمنع هذا السقوط الدراماتيكي من إلحاق الضرر بصناديق التقاعد المنكشفة بشدة عليها والتأثير على النظام المالي ككل في البلاد.

كما تزامنت البداية المضطربة لوقت تروس القصير في داونينغ ستريت مع حلقة أخرى مشحونة في التاريخ البريطاني، حيث تم إعلان وفاة الملكة إليزابيث الثانية التي حكمت المملكة لفترة طويلة.

الربع الرابع: مواجهة الاحتياطي الفيدرالي

أكتوبر

دخلت الأسهم في وضع الارتداد في الربع الرابع، حيث سجل مؤشر داو جونز (Dow Jones) أكبر مكاسب شهرية له منذ عام 1976.

لم يكن الهروب من براثن الرهانات الهابطة أمرًا سهلاً. لكن محاربة الاحتياطي الفيدرالي – أو ما وصف خداع الخطة المتشددة للاحتياطي الفيدرالي – بدا مكانًا جيدًا لبدء عملية الهروب. تم إعطاء يد المساعدة للمراهنة ضد الاحتياطي الفيدرالي إلى حد ما من قبل عدد قليل من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي الذين أعربوا عن رأيهم في خطر الإفراط في التشديد.

مع تزايد التوقعات بتوقف الاحتياطي الفيدرالي مؤقتًا عن الزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة – أو وصوله إلى نقطة ارتكاز محورية – انخفضت عوائد سندات الخزانة، لتجد الأسهم موطئ قدم لها ويتراجع التشاؤم في الأسواق.

أما بالنسبة لإعلان نتائج الربع الثالث، فقد كانت المخاوف عالية من أن الأداء من الشركات الأمريكية سيظهر الضغط على هوامش الربح بسبب التضخم الحاد والدولار القوي والارتفاعات في أسعار الفائدة، وقد حدث ذلك.

في شركات التكنولوجيا الكبيرة، كان الضغط أكثر وضوحًا. قدمت معظم أسهم فانغ (FANG) – وهي أسهم فيسبوك (Facebook) وأمازون (Amazon) ونتفليكس (Netflix) وغوغل (Google) – تقارير ربع سنوية أقل من تقديرات وول ستريت. لكن شركة آبل (Apple) كانت المنقذ، حيث قدمت تقريرًا ربع سنويًا قويًا، مجددةً معنويات المستثمرين في مجال التكنولوجيا الكبيرة.

نوفمبر

في أعقاب شهر أكتوبر / تشرين الأول الصاعد، واصلت الأسهم كسب تأييد المستثمرين في نوفمبر / تشرين الثاني، حيث حققت مكاسب شهرية متتالية للمرة الأولى منذ عام 2021.

لكن الشهر بدأ بداية صعبة. بعد أن قام الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة بنسبة 0.75%، حطم باول توقعات المستثمرين بشأن توقف الاحتياطي الفيدرالي مؤقتًا، محذرًا من أنه من السابق لأوانه أن يفكر البنك المركزي في التوقف.

لم يكن هناك متسع من الوقت للتفكير في الرسائل المتشددة من باول، حيث كانت الانتخابات النصفية الأمريكية تقترب. لم تتحقق تنبؤات “الموجة الحمراء الكبيرة” للهيمنة السياسية الجمهورية. انتهى الجمهوريون بأغلبية أقل مما كان متوقعًا في مجلس النواب، بينما احتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على مجلس الشيوخ. بالنسبة لوول ستريت، كان الجمود السياسي بمثابة فوز.

مع انحسار المخاوف السياسية، هدأ التضخم أيضًا، مما أدى إلى تعزيز الثقة بأن ضغوط الأسعار قد بلغت ذروتها. كان هناك اعتقاد متزايد بأن ذروة تشديد الاحتياطي الفيدرالي أصبحت الآن أقرب من أي وقت مضى، وقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة التي كانت في انخفاض حر من قبل.

في اليوم الأخير من شهر نوفمبر / تشرين الثاني، ألقى باول خطابًا عزز توقعات تباطؤ وتيرة رفع أسعار الفائدة، لكنه حذر أيضًا من أن مهمة خفض معدل التضخم لم تنته بعد.

لكن الأسواق لم تكن على استعداد للشراء في الأسعار الأعلى لمدة أطول التي يعلن عنها باول. ومع التركيز على التوقعات بتراجع الزيادات في المستقبل، بدأ المستثمرون في المراهنة على خفض سعر الفائدة في النصف الثاني من عام 2023. وقد شكّل ذلك بيئة خصبة للأصول الخطرة – بما في ذلك الأسهم – للازدهار.

لكن سوق العملات المشفرة كانت مختلفة تمامًا، حيث واجهت بورصة العملات المشفرة إف تي إكس (FTX) شكوكًا حول ملاءتها المالية. حاول الرئيس التنفيذي لإف تي إكس (FTX) سام بانكمان فرايد – المعروف باسم إس بي إف في عالم التشفير – طمأنة المستخدمين.

لم تكن منصة تداول العملات المشفرة المنافسة باينانس (Binance) تبحث عن إجابات، وأعلنت بسرعة أنها ستفصل ما لديها من رمز إف تي تي (FTT) الأصلي الخاص بشركة إف تي إكس (FTX). اشتدت ضغوط البيع على إف تي تي (FTT)، حيث حاول العملاء بشدة سحب الأموال من المنصة.

سارعت إف تي إكس (FTX) لإيجاد تمويل طارئ لسد فجوة بقيمة 8 مليارات دولار، لكنها فشلت في النهاية، مما أجبر بورصة العملات المشفرة التي كانت قيمتها 32 مليار دولار على إعلان إفلاسها. مع بدء التحقيقات في الانهيار الدراماتيكي لشركة إف تي إكس (FTX)، زعزعت النتائج مشاعر المستثمرين تجاه العملات المشفرة.

ديسمبر

سلط الشهر الأخير من العام الضوء على الاقتصاد، حيث أشار تقرير الوظائف إلى النشاط الكامن في الاقتصاد. ومع ذلك، أصبح من الصعب الآن تجاهل أجراس الإنذار التي استمرت في الرنين في سوق السندات.

شهد منحنى عائد سندات الخزانة لأجل 2 – 10 أكبر انعكاس له في حوالي أربعة عقود، مما يشير إلى تزايد المخاوف بشأن الركود المحتمل.

لمواجهة التهديد المتزايد بالركود وفي ظل الأدلة على تراجع التضخم، يعتقد المستثمرون أن الاحتياطي الفيدرالي سيؤكد توقعات السوق بوصول معدلات الفائدة إلى ذروتها عاجلاً وليس آجلاً، وأنها ستنخفض العام المقبل.

حطم الاحتياطي الفيدرالي تلك التوقعات، حيث توقع أن ترتفع الذروة المتوقعة لتصل إلى 5.1%، وقام برفع سعر الفائدة للمرة الأخيرة هذا العام.

وأكد باول مجددًا أن مكافحة التضخم لا تزال تمثل الأولوية وأن نظام السعر الأعلى مقابل أطول هو الوضع الطبيعي الجديد.

في الأيام التي تلت ذلك، تراجعت الأصول الخطرة، وارتفعت عوائد سندات الخزانة.

مع اقتراب عام 2022 من نهايته، لا يزال المستثمرون على استعداد للاعتراض على سياسات الاحتياطي الفيدرالي، آملين أن ينتبه البنك المركزي الأمريكي عندما يبدأ الهبوط الشديد.

اقرأ أيضًا أثرياء الصين يحاولون اللجوء إلى الاستثمار الأجنبي لتخفيف المخاطر في الداخل

المصدر: إنفيستينغ

ربما يعجبك أيضا…

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اشترك في نشرتنا الإخبارية
اشترك في نشرتنا الإخبارية

انضم إلى قائمتنا البريدية لتلقي آخر الأخبار والتحديثات من فريقنا.

لقد تم اشتراكك بنجاح!

Share This