يشهد سوق العمل الأمريكي تقلبًا غير مسبوق. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأمريكيين يشعرون بالارتباك والتشكيك في الاقتصاد الأمريكي بدايةً من المخاوف المستمرة من الركود إلى ظهور الذكاء الاصطناعي الذي يهدد بتسريح العمال في قطاع التكنولوجيا والقطاعات الأخرى.
في الواقع، يعتقد ما يقرب من ثلثي العاملين في الولايات المتحدة – استنادًا إلى أحدث أبحاث هاريس بول (Harris Poll) – أنه من الصعب (30%) أو صعب جدًا (36%) العثور على وظيفة جديدة الآن مقارنة بما كان عليه الأمر قبل ستة أشهر. إن الملايين من الأمريكيين متشائمون، يعتقد 26% من العمال أنه “من المحتمل أن يتم تسريحهم” و 32% أنه “من المحتمل أن يعملوا لدى صاحب عمل ينوي تسريح العمال بحلول نهاية هذا العام”. إن الخوف من التسريح يظل حقيقيًا جدًا.
لكن لا يمكننا أن نسمح للتشاؤم بأن يحكم اليوم. إذا كان هناك أي شيء، فقد علمنا التاريخ أن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بالمرونة في فترات الانهيار والازدهار. في حين أن مؤشرات الركود تصل إلى عشرة سنتات في هذه الأيام، إلا أن الانكماش قد يسبق فترة من النمو والازدهار على المدى الطويل. سوف يرتد سوق العمل مرة أخرى وسيهدأ الخوف من التسريح في نهاية المطاف. لن يختفي هذا الخوف للأبد (لن يذهب أبدًا)، لكنها مسألة وقت فقط حتى يقل هذا الخوف.
إذن كيف أعرف هذا؟ لقد ساعدت عقود من استطلاعات الرأي في هاريس بول (Harris Poll) على إيماني بالشعب الأمريكي وقدرته على التغلب على عدد لا يحصى من العقبات. ستستمر العجلات الاقتصادية في التقدم، مدعومة بريادة الأعمال وابتكار القطاع الخاص الذي يخلق مئات الآلاف من الوظائف الجديدة كل عام. على طول الطريق، سيبدأ ملايين الأشخاص أو يواصلون تسلق السلم الوظيفي – من مستوى البداية إلى المستويات الأعلى.
لذا دعونا نحافظ على الإيمان – ليس بسذاجة، ولكن مع وضع الصورة الكبيرة في الاعتبار. ولهذا دعونا نلقي نظرة طويلة على الدورة الاقتصادية.
إنني أؤمن بالعزيمة الأمريكية لأنني رأيت أحدث البيانات. وتتحدث الأرقام القاسية والباردة عن صمود دائم. إن أكثر من نصف البالغين في الولايات المتحدة (53%) من المرجح إلى حد ما على الأقل أن يتابعوا وظيفة جديدة هذا العام، على الرغم من التحديات الاقتصادية الحالية. من بين أولئك الذين يعملون حاليًا ويسعون للحصول على وظيفة جديدة، 41% تحفزهم الرغبة في إحداث تغيير، و35% يعتقدون أن هناك ملاءمة أفضل في مكان آخر، و32% يسعون إلى مرونة أكثر.
في أغلب الأحيان، يكون الدافع وراء البحث عن وظيفة جديدة هو السعي وراء شيء أفضل مثل شروط عمل أفضل. لذا فإن هذا الدافع يكون ناتج في المقام الأول عن الطموح وليس اليأس. يواصل الأشخاص البحث عن طرق جديدة لتحسين حياتهم وحياة أسرهم.
وبينما يواجه الموظفون تحديات خاصة بهم، يحتاج أصحاب العمل أيضًا إلى التعامل مع الأوقات المضطربة. إن جذب الموظفين والحفاظ عليهم أمر أساسي. ووفقًا لبحثنا، فإن أقوى محركات الحفاظ على الموظفين هي الاستقرار والرضا. من بين الموظفين الأمريكيين الذين لا يرجحون البحث عن وظيفة جديدة هذا العام، أشار 54% منهم إلى الاستقرار في دورهم الحالي كسبب أساسي، بينما ذكر 53% الرضا عن الوظيفة الحالية.
تحتاج الشركات الكبيرة والصغيرة إلى العمل على ثقافة مكان العمل وتعزيز الشعور بالهدوء والثبات في المكتب. إن التغيير السريع ضار بالحفاظ على الموظفين، خاصة عندما يكون الاقتصاد ككل في مثل هذا التقلب. إن أرباب العمل الذين يحافظون على الهدوء وينفذون التغييرات تدريجياً – بدلاً من تنفيذها بسرعة أو بعشوائية – سيكونون في وضع أفضل بكثير للحفاظ على موظفيهم.
من المهم أيضًا لأصحاب العمل أن يتذكروا أنه في معظم الحالات، لا يغادر الموظفون فقط للمغادرة. هذا القرار بشكل عام ليس عشوائيًا. من المرجح جدًا أن يظل العمال الراضون في أماكنهم، دون البحث عن وظائف أفضل (حقيقية أو متخيلة). إن الشركات التي تعطي الأولوية حقًا للحفاظ على تحفيز موظفيها وتمكينهم في العمل ستفوز. سوف يسطرون على الوضع، حتى في ظل ظروف الاقتصاد اليوم، بينما الذين لا يهتمون بالاحتفاظ بموظفيهم فسوف يندمون على ذلك.
في هذه الأوقات الصعبة، هناك الكثير من الأمل أمام أصحاب العمل والموظفين على حد سواء. أمامنا أيام أكثر إشراقًا. نحتاج فقط إلى الوثوق بالدورات الاقتصادية التي تستمر في التموج والأشخاص الذين يعملون بجد ويقودونها.
نبذة عن الكاتب: ويل جونسون – الرئيس التنفيذي لشركة أبحاث السوق العالمي الاستشارية هاريس بول (Harris Poll).
0 تعليق